أثارت تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار كريم زيدان جدلا بعد أن شبه التحديات التي تواجه ألمانيا، التي عمل بها إطارا في شركة سيارات، بتلك التي يعاني منها المغرب في مجالي الصحة والبطالة.
المقارنة، رغم نيتها الإيجابية، بعيدة كل البعد عن الواقع العملي. ألمانيا، رغم مشاكلها، تتمتع ببنية تحتية صحية متقدمة، نظام ضمان اجتماعي شامل، وفرص شغل أفضل بكثير من المغرب. في ألمانيا لا توجد مواعيد طبية على بعد ستة أشهر، ولا توجد أسعار خيالية للأدوية كما هو الحال في المغرب، والخدمات الصحية متاحة مجانا لجميع المواطنين. أما في المغرب، فالمواطن يواجه صعوبات يومية للحصول على موعد طبي، يتحمل أثمنة باهظة للأدوية، ويعاني من نقص الخدمات الأساسية في المستشفيات العمومية.
من ناحية الدخل، الأجور في ألمانيا مرتفعة نسبيا، فالمهندس أو الإطار يمكن أن يصل دخله الشهري إلى أكثر من 16 ألف درهم، بينما في المغرب الأجور منخفضة، وظروف العمل محدودة، ما يجعل من الصعب توفير خدمات صحية وتعليمية ذات جودة. كما أن ألمانيا لا تعرف ظاهرة الأطباء الذين يتركون المستشفى العمومي ليعملوا في القطاع الخاص، وهو واقع مألوف في المغرب، ما يزيد من أزمة الخدمات الصحية العمومية.
الحديث عن الاستفادة من التجارب الدولية صحيح من الناحية النظرية، لكنه لا يمكن أن يبرر المقارنات السطحية بين واقع متقدم وواقع يعاني من ضعف البنية التحتية والمؤسسات. المغرب يحتاج إلى إصلاحات هيكلية واضحة في الصحة والبطالة والتعليم، مع سياسات واقعية تتناسب مع ظروفه الاجتماعية والاقتصادية، لا مقارنات بعيدة قد تضلل الرأي العام.
