سؤال ذو راهنية كبيرة ، مثقل بأسئلة أنطولوجية كبيرة ،تلخص شقا من واقعنا التعليمي في أسلاكه الثلاثة ، وترصد اختلالاته عبر مسيرة زمنية حبلى بالمتغيرات و ” الاصلاحات” التي تدمن الانتشاء بالتنويم المغناطيسي رغبة في الحصول على مزيد من التخييل لتغطية الحاجة الملحة إلى البكاء على الزمن الجميل .
بعد طول معاشرتي لامتحان الباكالوريا تأكدت من مسوخه رغم المساحيق التي توضع له كل سنة . نقحت ما في سنوات القحط والجفاف من سنوات الخصب ، وضعت أسئلتي بين مزدوجتين خوفا من تعرض أجوبتي لرطوبة التحليل المرتجل ، عرضت القحط والخصب على التحليل الفاحص ، منهجي مستمد من غيرتي على نظام أنا بريء من تشوهاته زغم أنني أنتسب إليه .
لمانا الإبقاء على امتحان الباكالوريا بهذه الصيغة ؟
لم يبق امتحان الباكالوريا تلك اللحظة التي ترتعد لها الفرائص ، وتلك الشهادة التي تنقذ حاصلها من البطالة والإفلاس،والتي كانت تحمل معها بشائر الفرح والخلاص. لقد غدت الباكالوريا حمالة أوجه إنها :
__ استحقاق وطني : كلمة حق يراد بها باطل.
__ استنفار أمني وتنسيق لوجيستيكي بين الوزارات المعنية لضمان السلامة لا النزاهة .
__ هدر للمال العام في العدة والعتاد والتعويضات السخية للمدراء الجهويين والإقليميين على جولاتهم الشرفية على مراكز الامتحانات، وسكوتهم عن خراب المستنقعات .
__إقصاء لذوي الاختصاص من رجال المراقبة التربوية (المفتشون) لرفضهم الانصياع للإصلاح المشوه ، والانسجام مع عنوسة المشي وراء هتافات ناطقة بلسان الحال ، لا يتنازلون عن قناعاتهم وكبريائهم في فترات التعتيم الايديولوجي ،يعيشون اللاحق من أطوار العمر في السابق.
__ ضرب للمقرر الوزاري في الأعماق بتوقيف الدراسة في السلكين : الإعدادي والابتدائي قرابة شهر، وتفويت فرص التحصيل والدعم على التلاميذ وحرمانهم من إتمام المقرر وإجراء الفروض في أوقاتها المعلومة .
__ استدعاء واستنفار لهيئة التدريس بحجة الواجب الوطني لإخماد الحرائق ،واقتحام المغارات ” الأقسام” المجهولة بين التعرض للمهانة والتعنيف ،والاحتياط من فخاخ المتابعة ، سلاحهم الصبر وجزاؤهم شد الحزام على الخصر .
لكل المعطيات السابقة قررت أن أستبدل كلمة باكالوريا ب ( بالاكْ عْليا) وأشعرت زملائي الأساتذة بأنهم أبطال ” طرواديون” تم حقنهم بمادة ” كافيين” وهي كلون أوراق الفلاسفة أكثر عقلانية وأرهف شاعرية ، وأكدت لهم بأننا سجينو ” حق عام ” ( لعلنا كنا عملاء سريين ) حكم علينا بسراح مؤبد .