دعم الدولة للمترشحين اللامنتمين يربك الأحزاب ويعيد النقاش حول التأطير السياسي

في خطوة لافتة أثارت جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية، خصصت الدولة دعما ماليا لفائدة المترشحين غير المنتمين للأحزاب السياسية، في محاولة لفتح المجال أمام الشباب والمستقلين للمشاركة في الحياة الانتخابية. غير أن هذا القرار لم يمر دون رد فعل قوي من الأحزاب المغربية التي اعتبرت أن الخطوة تمس بتوازن المشهد الحزبي وتهدد دور التنظيمات السياسية في التأطير والمواكبة.
الأحزاب ترى أن دعم المستقلين، خاصة من فئة الشباب، يضعف بنيتها التنظيمية ويقلص من قدرتها على استقطاب الكفاءات الجديدة. فبدل أن يلتحق هؤلاء الشباب بالأحزاب للمساهمة في تجديدها من الداخل، صار بإمكانهم خوض الانتخابات بدعم مالي مباشر من الدولة، ما تعتبره القيادات الحزبية “إشارة سلبية” تضرب الثقة في العمل الحزبي وتغذي الفردانية السياسية.
كما حذرت بعض الأصوات من أن الشباب غير المنتمين، رغم حماسهم، يفتقرون في الغالب إلى برامج واضحة أو رؤية سياسية متكاملة، مما يجعلهم عرضة للاستقطاب السهل أو “الابتلاع” داخل المنظومة القائمة بعد الانتخابات، دون إحداث التغيير الحقيقي المنشود.
في المقابل، يرى مؤيدو الخطوة أن دعم المستقلين يشكل فرصة لتجديد النخب السياسية وإدخال دماء جديدة قادرة على التعبير عن تطلعات المواطنين بعيداً عن الصراعات الحزبية التقليدية، وأن فتح الباب أمام الكفاءات الشابة غير المؤطرة حزبياً قد يعزز ثقة الناخبين في العملية الانتخابية ويمنحها مصداقية أكبر.
ومهما تباينت المواقف، يبقى واضحاً أن هذا التوجه يعيد طرح سؤال جوهري حول دور الأحزاب في المغرب: هل هي فعلاً فضاءات للتأطير والإنتاج السياسي، أم مجرد وسائط انتخابية تبحث عن البقاء؟
المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كان دعم المترشحين اللامنتمين سيشكل خطوة نحو ديمقراطية أكثر انفتاحاً، أم أنه سيفتح الباب أمام مزيد من التشتت وفقدان البوصلة السياسية.




