شهدت المحكمة الابتدائية بأكادير حدثا قضائيا بارزا يوم الجمعة 22 غشت 2025، بعدما أصدرت أول حكم يكرس خيار العقوبات البديلة، في قضية جنحية تتعلق بالمشاركة في الاتجار غير المشروع في الخمور. القرار جاء ليعكس تحولا في فلسفة العقاب الجنائي بالمغرب، حيث باتت المحاكم تتجه إلى تقليص الاعتماد على السجن كعقوبة وحيدة.
المحكمة أدانت المتهم بشهرين حبسا نافذا وغرامة مالية محددة في 500 درهم، لكنها في المقابل اعتمدت آلية العقوبات البديلة. فإلى جانب تحميله الصائر والإجبار في الأدنى، حددت المحكمة عقوبة بديلة تقوم على أداء مبلغ مالي قدره 300 درهم عن كل يوم من مدة الحبس المحكوم بها. هذا التوجه يتيح للمتهم إمكانية استبدال الحرمان من الحرية بعقوبة مالية ذات طابع زجري وإصلاحي في الآن نفسه.
لا يقتصر القرار على كونه إجراء في قضية محددة، بل يمثل خطوة عملية في تنزيل مقتضيات السياسة الجنائية الجديدة التي تراهن على تفعيل بدائل العقوبات. الهدف هو تقليص الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، والبحث عن وسائل إصلاحية أكثر نجاعة تعزز اندماج الأفراد داخل المجتمع. كما أنه يعكس وعيا قضائيا متزايدا بضرورة تجنب الآثار السلبية للسجن على الأفراد والأسر.
اعتماد المحكمة الابتدائية بأكادير لهذا التوجه يؤشر على إرادة رسمية في تكريس عدالة جنائية متوازنة، تحافظ على الردع وتحقق في الوقت ذاته بعدا إصلاحيا وإنسانيا. وهو ما يجعل التجربة القضائية المغربية تدخل مرحلة جديدة، تنفتح على آليات حديثة تسعى إلى إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة القضائية، وتعزيز دور القانون كأداة لحماية المجتمع لا فقط كوسيلة للعقاب.