في خضم التوترات التي تعصف بالمنطقة المغاربية، يصر جلالة الملك محمد السادس على تثبيت منهج ثابت في التعاطي مع الجارة الجزائر: منهج التسامح والمسؤولية الاخلاقية. لا يخضع هذا الخيار لمنطق رد الفعل، بل ينبع من رؤية استراتيجية تعلي من شأن التاريخ والمصير المشترك على حساب المواقف الظرفية.ومع اقتراب موعد كأس امم افريقيا 2025، التي تحتضنها المملكة، وجّه جلالة الملك، من خلال مؤسسات الدولة، رسالة صريحة مفادها ان الشعب الجزائري ليس خصما، بل شقيق تكرمه الاخوة المغربية. فالبطولة الافريقية لن تكون فقط موعدا رياضيا، بل فرصة لتعزيز الروابط الانسانية بين شعبين فرقتهما السياسة وجمعتهما الجغرافيا والذاكرة.تصريحات رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم لم تأت من فراغ، حين اكد ان المغرب سيستقبل الجماهير الجزائرية بكل حفاوة. هذا الترحيب يعكس بجلاء الرؤية الملكية المتبصرة التي ما فتئت تؤكد ان الخلافات لا يجب ان تتحول الى جدران نفسية بين الشعوب، وان الحوار والانفتاح اقوى من الضجيج الاعلامي والمزايدات السياسية.ان تسامح جلالة الملك محمد السادس ليس ضعفا، بل تعبير عن قوة الدولة المغربية وثقتها في نفسها وفي مؤسساتها. التسامح في هذا السياق ليس تنازلا، بل موقف حضاري راق، نابع من ايمان عميق بان الروابط بين المغرب والجزائر اعمق من ان تمزقها نزوات اللحظة.وفي وقت يعمد فيه البعض الى توظيف الاحداث الرياضية لاشعال الخصومات، يختار المغرب بقيادة جلالة الملك ان يجعل منها جسرا للتقارب ورسالة سلام موجهة الى من يهمه الامر.هكذا يثبت المغرب، مرة اخرى، انه بلد يحكمه منطق الدولة، ويقوده ملك يدرك ان قوة الامة لا تقاس فقط بموقعها في الصراعات، بل ايضا بقدرتها على تجاوزها بكرامة وشهامة.فهل تلتقط الجزائر الرسمية هذه الاشارة النبيلة؟ وهل تمنح الشعوب فرصة للتواصل المباشر، بعيدا عن هندسة الخلاف؟الامل قائم، ما دامت الرباط تفتح ذراعيها باسم الاخوة.. وتتكلم باسم جلالة الملك.
جلالة الملك محمد السادس.. حين يختار الاخوة بدل القطيعة
