المغربفاس

تقرير حول أنشطة جمعية نساء رائدات للتنمية في مجال مكافحة العنف

بقلم: المسكين يوسف

في إطار حرصها على ترسيخ ثقافة التفاهم ونبذ العنف، وتنمية وعي مختلف فئات المجتمع بمخاطر الظواهر العنيفة، نظمت جمعية نساء رائدات للتنمية سلسلة من الأنشطة التوعوية، شملت كل من المجال المدرسي والمجتمع المدني، بهدف تمكين الناشئة والنساء على حد سواء من مواجهة العنف بكل أشكاله، وبناء بيئة آمنة قائمة على الاحترام والحوار.

النشاط الأول: تحسيس حول العنف المدرسي

في أجواء تربوية يسودها الوعي والمسؤولية، نظمت الجمعية نشاطًا تحسيسيًا حول ظاهرة العنف المدرسي بكل من الثانوية الإعدادية عمر بن الخطاب وثانوية أبي القاسم الشابي – زواغة. افتُتح اللقاء بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم، أعقبها الأستاذة جميلة، ثم لحظة الوقوف إجلالًا للنشيد الوطني، في مشهد جسّد معاني الانتماء والمسؤولية الجماعية.

ألقت نزهة صفي، رئيسة الجمعية، كلمة بالمناسبة، أكدت خلالها على أهمية التصدي لظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية، وضرورة تضافر جهود الأسرة، المدرسة، والمجتمع المدني من أجل بناء بيئة تعليمية آمنة قائمة على الاحترام والحوار.

تولّت الكوتش صقلي حسيني زهراء تأطير النشاط، حيث قدمت عرضًا تربويًا تفاعليًا تناول تعريف العنف، أشكاله المختلفة، أسبابه النفسية والاجتماعية، وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع، كما تطرّقت إلى النتائج المترتبة عنه وسبل معالجته والوقاية منه، مع التركيز على تغيير السلوكيات العنيفة عبر ترسيخ قيم التسامح والتواصل الإيجابي.

تميز النشاط بتفاعل ملحوظ من طرف التلاميذ، الذين انخرطوا بإيجابية في النقاش، وعبّروا عن آرائهم وتجاربهم، مما أضفى على اللقاء بعدًا تربويًا وإنسانيًا عميقًا. وقد أشرفت على التنظيم الكاتبة العامة للجمعية، خولة الغزيوي، في إطار رؤية تهدف إلى تمكين الناشئة من الوعي بمخاطر العنف وتعزيز قدرتهم على تبنّي سلوكيات سلمية تسهم في بناء مجتمع متوازن وآمن.

وفي ختام النشاط، تقدمت الجمعية بخالص عبارات الشكر والتقدير لإدارة المؤسستين والأطر الإدارية والتربوية على حسن الاستقبال والتعاون، وكذا للسيدة صقلي حسيني زهراء على عطائها التربوي وحضورها الإنساني المميز.

النشاط الثاني: ورشة تكوينية حول العنف ضد المرأة

يشكل العنف ضد المرأة أحد التحديات البنيوية التي تواجه المغرب والمجتمعات العربية، نظرا لتعدد أشكاله وتشابك العوامل التي تغذيه بين ما هو ثقافي واقتصادي ورقمي وقانوني. وفي هذا السياق، نظمت الجمعية ورشة تكوينية بدار الشباب الهادي كريو بفاس، يوم السبت 06 دجنبر 2025 على الساعة الثالثة بعد الزوال، بمناسبة الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد المرأة، تحت شعار: “لا للعنف… نعم للكرامة”، لفائدة مختلف فئات المجتمع.

استُهل اللقاء بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها النشيد الوطني، في دلالة على أن قضية الكرامة شأن مجتمعي ووطني، قبل أن تنطلق أشغال الورشة تحت تأطير الكوتش صقلي حسيني زهراء والمختصة الاجتماعية خولة الغزيوي، في مبادرة تعكس الامتداد التاريخي لنضال النساء ضد مختلف أشكال العنف.

في البداية، ألقت نزهة صفي، رئيسة الجمعية، الكلمة الافتتاحية، حيث قدمت تعريفًا موجزًا بالجمعية واهتماماتها، مسلطة الضوء على البرامج والأنشطة التي نظمتها في سياقات تربوية متعددة داخل مجموعة من المدارس. وأوضحت أن الهدف من هذه المبادرات كان دائمًا تحسيس التلاميذ والنساء بمخاطر العنف وعواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع، مؤكدة أن التربية تعد المدخل الأول للحد من الظاهرة، كما عبّرت عن شكرها لجميع الحاضرين على انخراطهم واهتمامهم بهذا الورش التوعوي.

تطرقت الورشة إلى مختلف أشكال العنف التي تطال المرأة، من العنف الجسدي والنفسي إلى العنف الاقتصادي والرقمي. وتم التأكيد على أن العنف الاقتصادي، باعتباره وسيلة للسيطرة والتحكم في الموارد، يشكل أحد أخطر الأشكال التي تؤدي إلى تبعية طويلة الأمد. كما تمت مناقشة العنف الرقمي الذي يتجلى في الابتزاز والتهديد ونشر المعطيات الشخصية والصور، وهو تحدٍ مضاعف في مجتمع يتسع فيه الفضاء الافتراضي وتتعاظم مخاطره.

وفي مداخلتها، قدمت المختصة الاجتماعية خولة الغزيوي والكاتبة العامة للجمعية توضيحات حول المسارات القانونية التي يجب اتباعها عند التعرض للعنف، مشيرة إلى وجود خلايا بالمحاكم ومراكز توفر الدعم النفسي والمادي والقانوني للنساء. كما تفاعل الحضور من مختلف الأعمار والأجناس مع النقاش، مؤكدين أن العادات التي تدعو إلى التستر على العنف تشكل عائقًا رئيسيًا أمام مكافحته.

وقد شكلت مداخلة الكوتش صقلي حسيني زهراء محطة مهمة في الورشة، إذ شددت على أن الجمعيات التي تهتم بقضايا المرأة لا تقوم فقط بأدوار توعوية، بل تنخرط في نضال متواصل يهدف إلى القطع مع جميع أشكال العنف. واعتبرت أن العنف ضد المرأة ليس ظاهرة طارئة أو وليدة اللحظة، بل امتداد لسيرورة تاريخية طويلة كانت المرأة ضحيتها. كما أكدت أن هذا النضال هو استمرارية لنضال المرأة على حقوقها الذي بدأ منذ عقود، وأن معركة الكرامة والمساواة لا تزال مفتوحة وتتطلب جهدا جماعيا وتراكميا.

النقاش تطرق أيضًا إلى الجذور الاجتماعية للظاهرة، حيث تمت الإشارة إلى أن الرجل الذي يمارس العنف غالبًا ما يكون نتاجًا لتنشئة اجتماعية قائمة على قيم السيطرة، وهي ظاهرة تتكرر في العديد من الدول العربية. كما تم عرض شريط فيديو قصير يجسد قصة واقعية لظاهرة العنف وانعكاساتها على الأسرة والأطفال الذين يُعدون أولى ضحاياها.

كما تم خلال اللقاء عرض شريط فيديو قصير تحت عنوان دموع شمعة، عبارة عن قصة واقعية لظاهرة العنف، يبرز كيف يؤثر العنف على الاسرة والاطفال الذين يعتبرون اولى ضحاياه، وكيف يمكن ان يدمر البنية الاسرية والمجتمعية.


بهذا، يتبين أن ورشة الجمعية لم تكن مجرد لقاء مناسباتي، بل مساهمة في مشروع مجتمعي ممتد يهدف إلى تفكيك بنية العنف بكل أشكاله، التقليدية والحديثة. فالقضاء على العنف ضد المرأة في المغرب والعالم العربي يتطلب تغييرا ثقافيا عميقا، وسياسات حماية فعالة، وقوانين صارمة، ونضالا مدنيا مستمرا. ويبقى السؤال الذي طرحته الورشة قائما: كيف ننتقل من إدراك العنف إلى تفكيكه؟ والجواب يبدأ بالوعي، ويمر بالنضال، ولا يكتمل إلا بإرادة مجتمعية تضع كرامة المرأة في صلب مشروعها الحضاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى