يعتبر تحديد سن التوظيف في ثلاثين سنة خطا مباشرا في مسار العدالة الاجتماعية والمساواة، ويطرح سؤالا جديا حول مدى احترام القوانين والدستور لمبادئ تكافؤ الفرص. فإقصاء شريحة واسعة من الشباب الطموح والمؤهل، لمجرد بلوغهم هذا السن، لا يعكس منطق الكفاءة أو الاستحقاق، بل يرسخ صورة نظام توظيف بيروقراطي يفتقر الى المرونة والعدالة.
هذا الإجراء يعكس خللا هيكليا في سياسات التشغيل، إذ يحرم الشباب من فرص تثبيت مسارهم المهني وتحقيق استقلالهم المالي، بينما لا يقدم أي مبرر فعلي لمنطق التسقيف سوى المحافظة على مصالح محدودة ضمن دوائر ضيقة. علاوة على ذلك، فإن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لإقصاء فئة عمرية كبيرة تصبح سلبية، فتزيد البطالة وتدفع الكفاءات إلى الهجرة أو الانخراط في سوق غير رسمي يفتقد الامان والحقوق.
من منظور دستوري، لا يستمد هذا التسقيف شرعيته، إذ يطرح تعارضا مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص التي يضمنها الدستور. القوانين الوطنية والدولية تلزم الدولة بضمان حق العمل لكل مواطن، دون تمييز على أساس العمر أو أي معيار تعسفي آخر.
يظهر أن الحل لا يكمن في تحديد سقف عمر للتوظيف، بل في بناء نظام شامل يركز على الكفاءة والمؤهلات، ويوفر فرص تدريب وتأهيل مستمر للشباب، مع إصلاح السياسات الاقتصادية والتشغيلية لتمكين جميع الفئات العمرية من الوصول الى الوظائف بشكل عادل وشفاف.
تسقيف التوظيف اذا لم يتم مراجعته سيكون أداة لإفقار الطاقات الوطنية، بدل أن يكون محفزا للنمو والتنمية، ويكرس شعور الشباب بالإقصاء والاحباط، وهو ما يعكس فشلا في إدارة الموارد البشرية الوطنية ويهدد استقرار المجتمع على المدى الطويل.