حذر الرئيس الاميركي دونالد ترامب من كارثة اقتصادية قد تضرب الولايات المتحدة اذا الغت محكمة فيدرالية الرسوم الجمركية التي فرضها على الواردات، معتبرا ان الغاء هذه الاجراءات سيعيد الاقتصاد الاميركي الى مشهد مشابه للكساد العظيم عام 1929. هذا التحذير ياتي في سياق سياسة اقتصادية يتبناها ترامب تقوم على الحماية التجارية وفرض الرسوم والعقوبات، وهي سياسة يراها مؤيدوه وسيلة لحماية الصناعات الاميركية، بينما يعتبرها معارضوه شكلا من اشكال الابتزاز الاقتصادي ضد الخصوم وحتى الحلفاء
لكن المتتبع لمسار ترامب السياسي يدرك ان هذه العقيدة الاقتصادية ليست الا امتدادا لنهجه في السياسة الخارجية، حيث استعمل الادوات الاقتصادية كسلاح لاخضاع الدول لسياساته ومصالحه. فقد انحاز بشكل مطلق لاسرائيل، ونقل السفارة الاميركية الى القدس متحديا الاجماع الدولي، واوقف المساعدات لوكالة الاونروا، وشرعن خطوات الاحتلال في الضفة الغربية، ما شكل ضربة مباشرة للحقوق الفلسطينية التاريخية والقانونية
لم يكتف ترامب باستهداف الفلسطينيين، بل وسع دائرة الضغوط الى معظم الدول التي لم تساير سياساته، فارضا عقوبات اقتصادية قاسية على دول كايران وفنزويلا وكوبا، ومهددا بفرض رسوم وعقوبات على حلفاء تقليديين كالتحاد الاوروبي وكندا والمكسيك، في نهج يخلط بين الاقتصاد والسياسة لتكريس هيمنة واشنطن على النظام العالمي
هذه المقاربة، التي تجمع بين الحمائية الاقتصادية والتسلط السياسي، ساهمت في توتير العلاقات الدولية، وزادت من حدة الاستقطاب العالمي، وخلقت بيئة يسودها عدم الثقة في الالتزامات الاميركية. كما اضعفت صورة الولايات المتحدة كقوة تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان، بينما تمارس سياسات انتقائية تخدم مصالحها الاستراتيجية على حساب المبادئ المعلنة
تحذير ترامب من كساد اقتصادي داخلي قد يكون وجيها من منظور ارقامه ومؤشراته، لكن تجاهله للعواقب السياسية والانسانية لسياساته الخارجية يطرح سؤالا اعمق: هل يمكن للاقتصاد الاميركي ان يزدهر على المدى الطويل اذا كان يستخدم كاداة للضغط والابتزاز ضد شعوب ودول باكملها