في خطاب قوي أمام أنصاره بمدينة فاس، خرج عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن صمته ليُطلق واحدة من أشرس انتقاداته لحكومة عزيز أخنوش، معتبرًا أن استمرارها في السلطة إلى اليوم “أمر يثير العجب”، بالنظر إلى ما وصفه بالفشل الذريع في الملفات الاجتماعية والقيمية.
بنكيران تساءل، بنبرة ساخرة وحادة، كيف لحكومة فقدت الثقة والمصداقية أن تستمر، رغم مظاهر العجز التي تمسّ الحياة اليومية للمواطنين، وعلى رأسها غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
وفي معرض حديثه عن العزوف المتزايد عن الزواج، لم يتردد بنكيران في تحميل الحكومة مسؤولية مباشرة عن الواقع الجديد. وأوضح أن الشباب المغربي أصبح عاجزًا عن التفكير في تكوين أسرة بسبب موجات الغلاء، وارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب الأفق الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف أن القوانين التي تروج لها الحكومة في إطار إصلاح مدونة الأسرة، مثل تسهيل الاعتراف بـ”العلاقات الرضائية”، تمثل انحرافًا عن القيم المرجعية للمجتمع المغربي، وتُشكّل مساسًا بالثوابت الدينية والأخلاقية.
وأشار بنكيران إلى أن هناك أخبارًا تُروَّج بشكل مريب، مفادها أن الأطفال من سن 4 إلى 14 سنة لا يجب أن يدخلوا الكتاتيب القرآنية أو المساجد، معتبراً أن هذه الإشارات لا يمكن فهمها إلا كاستهداف مباشر للهوية الإسلامية المغربية، ومحاولة لسلخ النشء عن جذورهم الروحية والثقافية.
وأكد أن المساس بالمساجد والكتاتيب القرآنية هو مساس بجوهر المجتمع المغربي، الذي ظل عبر قرون متشبثًا بتعاليم الدين وقيم الوسطية والاعتدال.
وفي نقطة أثارت قلقًا كبيرًا، نبّه بنكيران إلى أن الحكومة تتجه نحو خوصصة القطاع الصحي بطرق ملتوية، ما يهدد حق المواطنين في العلاج. واعتبر أن هذا المسار سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، وتحويل الصحة إلى امتياز للأغنياء، بدل أن تكون خدمة عمومية متاحة للجميع.
وفي لهجة واثقة، شدد بنكيران على أن حزبه يُعد من أقل الأحزاب تورطًا في قضايا الفساد، إن لم يكن أنظفها على الإطلاق. وأضاف أن من يتهمون الحزب بالفساد “يتجاهلون عمدًا أن غالبية ملفات الفساد، وسوء التسيير، والاختلاسات الكبرى التي تعالجها المحاكم حاليًا، تخص منتخبين ومسؤولين من الأغلبية الحالية، وبالخصوص من حزب رئيس الحكومة”.
وأوضح أن العدالة والتنمية، رغم كل ما قيل ويُقال، ظل محافظًا على تماسكه الأخلاقي، ولم تتلطخ يد قيادته بملفات المال العام، على عكس ما يحدث في محيط من يتحملون المسؤولية اليوم.
لم يخفِ بنكيران دعوته المباشرة للمواطنين إلى فضح سياسات الحكومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشددًا على أن “الحق في التعبير عن الغضب المشروع لم يعد يحتمل التأجيل”، وأن الشعب المغربي يجب أن يكون شريكًا في مقاومة العبث والفساد.
وختم بنكيران خطابه بتجديد التأكيد على أن حزب العدالة والتنمية لن يتراجع عن أداء دوره الوطني، سواء حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة أو لم يحصل، لأن “مهمة مقاومة الفساد لا ترتبط بالصناديق، بل بالضمير السياسي والمسؤولية الأخلاقية”.
كما شدد على أن الحزب كان ولا يزال حزبًا ملكيًا بقلبه وعقله، لا يناور ولا يزايد، بل يشتغل في إطار احترام تام للمؤسسة الملكية وثوابت البلاد.