تتجه بلجيكا نحو اتخاذ قرار دبلوماسي مهم يتمثل في الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، باعتبارها مقترحا جديا وذا مصداقية وأساسا واقعيا لتسوية النزاع. هذا التطور المنتظر يأتي في سياق تحولات لافتة تشهدها المواقف الأوروبية، بعد قرارات مماثلة لكل من فرنسا وإسبانيا والبرتغال، ما يعكس توجها متزايدا داخل الاتحاد الأوروبي لاعتماد رؤية عملية لحل الملف.
في زيارته الأخيرة إلى الرباط، جدد رئيس الحكومة البلجيكية تأكيد بلاده على التزامها بمسار سياسي يقوده الأمم المتحدة، مبرزا أن الحل يجب أن يكون عادلا ودائما ومقبولا من جميع الأطراف. كما شدد الإعلان المشترك المغربي البلجيكي على أهمية قرار مجلس الأمن رقم 2703 لسنة 2023، الذي دعا إلى حل سياسي واقعي يقوم على التوافق، وأكد أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل قاعدة جدية للتفاوض.
ورغم التوجه الواضح نحو الاعتراف، فإن مناقشة الملف داخل البرلمان البلجيكي عرفت بعض التأجيلات بسبب خلافات داخلية بين مكونات التحالف الحاكم، خصوصا فيما يتعلق بملف الاعتراف بدولة فلسطين. وقد برزت أصوات داخل الحكومة البلجيكية تشترط التوازن بين الموقف من الصحراء والموقف من القضية الفلسطينية، وهو ما دفع إلى إرجاء التصويت إلى حين التوصل إلى صيغة توافقية.
هذا المسار، في حال اكتماله، سيضع بلجيكا ضمن الدول الأوروبية الكبرى الداعمة للمبادرة المغربية، وهو ما سيعزز موقع الرباط في الساحة الدولية ويزيد الضغط على جبهة البوليساريو. كما سيعكس وعيا أوروبيا متناميا بضرورة تبني حلول عملية تتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية، بعيدا عن الطروحات الانفصالية التي أثبتت محدوديتها.
وبانضمام بلجيكا إلى هذا التوجه، سيتقوى الإجماع الدولي حول مبادرة الحكم الذاتي، الأمر الذي سيمنح المغرب دعما إضافيا داخل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ويفتح آفاقا جديدة لتسوية النزاع بما يضمن الاستقرار في المنطقة ويعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبروكسيل.

