أراكَ هجرتني هجراً طويلاً
وما عوّدتني من قبلُ ذاكا
رفيق الدرب لا تطيق المكوث في البيت إلا لماما
وتعصي المرض والأدواء وتخرج للحياة وللدنا
والنفس راغبة أو زاهدة سيانا
ما هذا الذي عني ألهاكا
قل لي بربك لم هجرتني،ما الذي أقلاكا
إن كان طوعًـا وبطرا فأخبرني ما دهاك
وإن كان قسرا وكرها أعزيك جلدا وصبرا
قلت : لقد حكمت بطلاقنا لعنة كورونا
حكما ظالما جائرا ناجزا
لا استئنافا ولا نقضا ولا إبراما.
ولم يكن أبدا عن رضايا
ولكن كان إغاما وإجبارا
وكل العالمين يا صديقي مثلهم مثلي ،وحالي بحالهم سيانا
سجين البيت في الحجر محجوزا
ينتظر … يترقب ،إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
يعز علي حين أنظر إليك صديقي ،وأراك هناك منبوذا
وكنت رفيقي تحملني إلى دروب وباحات
،إلى شوارع وطرقات
إلى حدائق ومساجد ومكتبات …
إلى مباهج الدنيا ومشارق الشموس وغروبها على الشرفات
إلى مرافئ الدفء وعوالم العشق، معابر وجسور وأمنيات…
على “هذه الأرض ما يستحق الحياة”.
بكى حذائي لحالي تأثرا وتحسرا وقال :
أسفي عليك ،وأني لك معز في مصيبتك وبلواك
تمسك بالصبر والجلد ،والمحنة زائلة مهما طالت
والفرج آت لن يتأخر…ستنقشع الغمة ويرفع الله البلاء.
قال باسما والنبرة يعلوها الشجن:
بعد التحرر و الانعتاق سوف أمضي معك وفيا
أنا كما العهد نعم المطية ،مهادا سويا.
لا تنس أبدا، أني كنت معك في المحنة مؤازرا معزيا
ولا تنظر إلى الأعلى ،فتغرك السترة الجميلة .
وياقة القميص المكوية .
وربطة العنق البهية
أولائك جميعا اختبأوا في الدولاب خوفا وجبنا
أغلقوا الأبواب ،وكنت تحسبهم منك وإليك ،أناقة وجمالا بهيا…
لا تغتر ولا تعتد بهم أبدا ،كانوا للزينة فقط ، وعند ما جد الجد ،ونزل الخطب ،وعظم الجلل، لم تسمع لهم صوتا ولم تحس لهم ركزا.
يا صديقي أنا الحذاء أحملك في الصيف والشتاء ، في القر والحر ،أحملك وأنت فرح مسرور أو أنت حرين مهموم .
مهما كانت محطة الوقوف لا أتأفف لا أضجر ،إنما أصبر وأحتسب…
إن كان قدري في الأسفل
فلست بالدون ،ولست بالأقل .
أنا هنا باق ،وعلى العهد باق، ومتى من الله بالفرج .
سوف نسجد شكرا لله سويا .
ونرقص فرحا ونمرح مليا.
أما زيتنك وأناقتك ،وكل الإكسسوارات والماركات …
فقد خذلتك حد الفجيعة والخيانة كما هو دأبهم .