يمثل قرار مجلس الأمن الدولي الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء المغربية لحظة فاصلة في تاريخ المملكة، ليس فقط على المستوى السياسي بل أيضا على الصعيد الاقتصادي والدبلوماسي والاستراتيجي. هذا الحل التاريخي ينهي نزاعاً مفتعلاً دام أكثر من خمسين سنة، وكان يشكل عائقاً أمام سرعة تقدم المغرب في مختلف المجالات.
مع الحسم النهائي لقضية الصحراء، يمكن للمغرب اليوم تحرير طاقاته الكامنة وتوجيهها نحو مشاريع التنمية المستدامة، الاستثمار، الابتكار، والبنية التحتية، دون أن يظل ملف الصحراء يحد من خياراته الدولية أو يؤثر على صورته أمام المستثمرين والشركاء الدوليين.
التحليل الاستراتيجي يشير إلى أن المغرب سيكون أكثر قدرة على إعادة رسم علاقاته الدولية من موقع قوة، خصوصا مع الدول الأوروبية والإفريقية والعربية، مستفيداً من شرعية موقفه الدولي الجديد لتعزيز شراكاته الاقتصادية والدبلوماسية. الحل السياسي الناجح يسمح للبلاد بالانخراط في مبادرات إقليمية ودولية دون قيود أو توترات ناشئة عن النزاع الإقليمي، ما يفتح آفاقا واسعة للتعاون في المجالات الاقتصادية، الأمنية، والثقافية.
على المستوى الداخلي، يمثل حل ملف الصحراء فرصة لإطلاق برنامج تنموي شامل في الأقاليم الجنوبية، يشمل الاستثمار في البنية التحتية، التعليم، الصحة، والمجالات الاقتصادية والاستثمارية، بما يعزز دمج هذه المناطق في النسيج الوطني ويحقق التنمية المتوازنة على المستوى الوطني.
كما أن هذا الحل يعزز قدرة المغرب على الاستفادة من موقعه الجيوستراتيجي، كجسر بين إفريقيا وأوروبا، ويعطيه قوة إضافية في المفاوضات الاقتصادية والاستثمارية، فضلاً عن دوره في السلم والأمن الإقليميين.
باختصار، يمكن القول إن المملكة المغربية بعد هذا الإنجاز الدولي التاريخي ستدخل مرحلة جديدة من الانطلاق السريع على جميع الأصعدة، وستتمكن من استثمار طاقاتها ومواردها بشكل أكثر فاعلية، مع تعزيز مكانتها الدولية كدولة مستقرة وفاعلة وقادرة على المساهمة في الاستقرار والتنمية في محيطها الإقليمي والعالمي.

