في مدينة صفرو، تفجرت قضية اجتماعية صادمة تكشف مرة أخرى كيف يمكن للهشاشة الاقتصادية والاجتماعية أن تتحول إلى بوابة للاستغلال والإذلال. فقد بدأت المحكمة الابتدائية بالمدينة النظر في ملف “فنان” متهم بالنصب والاحتيال على عدد من النساء المطلقات، بعد أن أوهمهن بالزواج وتوظيف أقاربهن مقابل مبالغ مالية ضخمة.
القضية التي أثارت موجة من الغضب في صفوف الرأي العام المحلي لا تقتصر على مجرد عملية نصب، بل تفتح النقاش حول عمق الأزمة الاجتماعية التي تعيشها فئة من النساء في المغرب، خصوصا المطلقات اللواتي يجدن أنفسهن في مواجهة مجتمع قاسٍ وأوضاع معيشية صعبة تجعلهن فريسة سهلة للابتزاز.
وحسب المعطيات المتوفرة، فقد كان المتهم يقدم نفسه بصفات كاذبة، مدعيا امتلاكه علاقات نافذة داخل مؤسسات عمومية، واعدا ضحاياه بفرص عمل أو زواج مستقر، مقابل مبالغ مالية وصلت إلى عشرات الملايين من السنتيمات. أسلوب إجرامي يعتمد على الثقة المكسورة والاحتياج الإنساني أكثر مما يعتمد على القوة أو العنف، وهو ما يجعل تأثيره النفسي أشد قسوة من الخسارة المادية.
المحكمة قررت إيداع المتهم السجن المحلي بصفرو في انتظار استكمال فصول المحاكمة، بينما تستمر التحريات الأمنية في الاستماع إلى مزيد من الضحايا المحتملات، إذ تشير مصادر مطلعة إلى أن عدد المتضررات قد يكون أكبر مما أعلن عنه، بحكم تخوف العديد من النساء من تقديم شكايات خوفا من الوصم الاجتماعي أو الفضيحة.
هذه الواقعة تسلط الضوء على مأساة النساء اللواتي يجدن أنفسهن بين مطرقة الحاجة وسندان نظرة المجتمع، في غياب آليات حماية فعالة ضد هذا النوع من الجرائم الذي يستغل هشاشتهن الاقتصادية والعاطفية. فحين يغيب الأمان الاجتماعي وتترك النساء لمصيرهن، يصبح الاستغلال مجرد نتيجة طبيعية لنظام لا يحمي الضعفاء ولا يمنحهم فرصة كريمة للعيش.
قضية صفرو ليست استثناء، بل هي جرس إنذار جديد يدعو إلى مراجعة السياسات الاجتماعية، وتوفير الدعم النفسي والمادي للنساء في وضعية هشاشة، حتى لا تتحول معاناتهن إلى فرص للانتهازيين والمتلاعبين بالعواطف والاحتياجات الإنسانية.

