Site icon جريدة صفرو بريس

الولايات المتحدة وإيران.. صراع على النفوذ لا على القيم

رغم ما يبدو على السطح من انقسام سياسي حاد في واشنطن بشأن العلاقة مع طهران، فإن الغوص في عمق المواقف يكشف عن نقطة تقاطع مركزية بين الديمقراطيين والجمهوريين:
الهدف هو نفسه، الاختلاف فقط في أدوات السيطرة.

فالسياسة الأمريكية تجاه إيران، منذ الثورة الإسلامية عام 1979، لم تتغيّر في جوهرها:
كل إدارة أمريكية سعت إلى الحد من صعود إيران كقوة مستقلة في الشرق الأوسط، سواء عبر الحصار والعقوبات، أو عبر الاتفاقات والدبلوماسية.

الجمهوريون، وفي مقدمتهم إدارة دونالد ترامب، يتبنون نهج المواجهة المباشرة، ويعتبرون أن إيران لا تفهم سوى لغة الضغط الأقصى، حتى لو تطلب الأمر مواجهة عسكرية أو تصفية رموز النظام.
أما الديمقراطيون، وعلى رأسهم باراك أوباما وجو بايدن، فيميلون إلى ما يسمونه الاحتواء الذكي، عبر أدوات القانون الدولي، والعودة إلى الاتفاق النووي، وتقديم حوافز مقابل تنازلات.

لكن كلا الطرفين يتفقان ضمنياً على أمر واحد:
لا يُسمح لإيران أن تُصبح قوة إقليمية مستقلة قادرة على تحدي التفوّق الأمريكي أو الإسرائيلي في المنطقة.

الاختلاف إذن ليس أخلاقياً، ولا قيميًا، بل استراتيجي تقني:

هل يكون الإخضاع بالعصا الغليظة؟

أم بالاحتواء الطويل المدى؟

والمثير أن أصواتًا من داخل الولايات المتحدة، سواء من التيار اليساري أو اليمين الليبرتاري، بدأت تطرح السؤال الجوهري:
هل ما تزال سياسة الهيمنة فعالة في عالم متعدد الأقطاب؟ أم أن واشنطن تكرر أخطاءها في فيتنام والعراق وأفغانستان بوجه مختلف؟

إيران، في كل الحالات، ليست مجرد دولة تُواجه أمريكا، بل مرآة تكشف كيف ترى واشنطن نفسها وموقعها في العالم، وهل تستطيع حقاً تقبّل وجود خصوم مستقلين خارج معادلة السيطرة.

Exit mobile version