بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يشهد النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية في المغرب تطورًا ملحوظًا منذ انطلاقه في عام 2015، بالتزامن مع الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء. يهدف هذا النموذج إلى تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة تُعزز من مكانة الأقاليم الجنوبية كركيزة اقتصادية وجسر يربط المغرب بالقارة الإفريقية وبقية العالم. وتم تخصيص غلاف مالي قدره 80 مليار درهم لتطوير البنية التحتية والمرافق الأساسية وخلق فرص العمل، مما يعكس التزام المغرب بجعل هذه الأقاليم مناطق جذب للاستثمار والنمو الاقتصادي.
محاور النموذج التنموي:
- البنية التحتية وتطوير المرافق: يشمل النموذج التنموي مشاريع بنية تحتية ضخمة، من أبرزها مشروع الطريق السريع تيزنيت-الداخلة الذي يسهم في ربط شمال المملكة بجنوبها، مما يعزز التجارة ويسهل التنقل بين المناطق. كما يتضمن مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يعد مركزًا لوجيستيًا يربط المغرب بإفريقيا وأمريكا اللاتينية، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز استراتيجي للتجارة العالمية.
-
مشاريع الطاقة المتجددة والاستدامة البيئية: تركز المشاريع على استغلال الموارد الطبيعية في الأقاليم الجنوبية، بما في ذلك الطاقة الشمسية والريحية. يعد هذا توجهاً استراتيجياً يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة وتوفير مصدر مستدام للكهرباء، بالإضافة إلى مشاريع أخرى لتحلية مياه البحر لتلبية احتياجات المياه في المناطق الصحراوية.
- التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية: شهدت الأقاليم الجنوبية تطويرًا في البنية التحتية الاجتماعية عبر إنشاء كليات الطب والمستشفيات الجامعية، إضافةً إلى المدارس والمؤسسات الصحية المتقدمة. تسهم هذه المرافق في تحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وتعزيز رفاهية المواطنين، كما تساهم في تحويل المدن الجنوبية إلى مراكز حضرية متقدمة قادرة على استيعاب مختلف الاحتياجات السكانية.
- التنمية الاقتصادية والزراعية: عمل النموذج التنموي على دعم الزراعة المستدامة من خلال مشاريع ترويج الزراعة المحمية واستخدام تقنيات الري الحديثة، بهدف تعزيز الأمن الغذائي وخلق فرص عمل جديدة. وقد تم تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في القطاع الزراعي لتمكين السكان المحليين من الاستفادة المباشرة من الموارد الطبيعية
- الاستثمار في القطاعات السياحية والرياضية: نظراً للموقع الجغرافي المميز للأقاليم الجنوبية، تم استثمار موارد كبيرة لتطوير القطاع السياحي، خاصة في مدينة الداخلة التي أصبحت وجهة للسياحة البيئية والرياضية. كما تم بناء مرافق رياضية حديثة لدعم الأنشطة الشبابية وتهيئة البنية اللازمة لاستقبال المنافسات الوطنية والدولية، مما يعزز من جاذبية المنطقة كوجهة سياحية ورياضية على المستوى الإقليمي
التوجهات المستقبلية والأهداف: يهدف النموذج التنموي الجديد إلى تعزيز التواصل بين الأقاليم الجنوبية وبقية مناطق المملكة، إضافة إلى دعم الابتكار والبحث العلمي عبر إنشاء مراكز متخصصة في مجالات الطاقات المتجددة والتكنولوجيا الحديثة. يسعى المغرب من خلال هذا النموذج إلى جعل الأقاليم الجنوبية نموذجًا يحتذى به في التنمية المستدامة، وخلق بيئة تشاركية تسمح باستفادة السكان المحليين من عوائد التنمية الاقتصادية بشكل مباشر ومستدام
الخاتمة: يمثل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية خطوة طموحة نحو تحويل هذه الأقاليم إلى مراكز اقتصادية واجتماعية متكاملة. ويعكس التزام المغرب بتحقيق التنمية الشاملة من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل، مما يضع الأقاليم الجنوبية في قلب التوجهات التنموية للمملكة ويدعم دورها كجسر يربط بين إفريقيا والعالم.