النساء قادمون
مع الاعتذار إكراها لسيبويه وابن جني
واو الجماعة هنا للنساء قصرا وحصرا
يا قارئ هذه السطور،رجاء مني وتكرما منك لا تعجل ولا تتعجل،اجلس مستريحا وتنفس عميقا واصبر وصابر وتحمل واتل الهوينا، أضمن لك إن شاء الله المتعة والفائدة .
)النساء قادمون( تركيب صحيح المعنى فاسد المبنى في حكم الرجولة وعرف الذكورة فقط ،والتي باتت في مهب الريح في يوم عاصف .
النساء قادمون نعم قادمون وبقوة وجسارة ،لتصحيح مسار الحياة برمتها،وتقويم اعوجاجها وضبط توازناتها، من أجل إزاحة الرجل السيد عن سدة الحكم ومقاليد الأمور .
فتكون هي صاحبة الرئاسة والزعامة والقيادة،وتكون هي صاحبة القرار والحسم والعقد والحل،وتكون هي صاحبة الولاية الكبرى والصغرى والمتوسطة، والمالكة للأرض وما فوقها وما تحت الثرى.
تكون بالمختصر المفيد:هي من يتربع على عرش الصدارة تسود وتقود ،تصول ويجول ،تبني وتعمر …بدون حروب ولا دمار ولا أحزان … فهي مسالمة ،مهادنة لا تتوسل العنف سبيلا لفض الخلاف،إلا إذا أجبرها الرجل فتنقض في وجهه بشراسة وعدوانية تزلزل الأرض تحت أقدامه.
واضح جدا لكل ذي عقل ونظر أن النساء قادمون يكتسحون كل المجالات ،ويقتحمون كل العقبات ، لهم في كل سفح وواد علم وراية ،وفي كل محفل وناد لهم عنوان بارز وصوت عال يعلن البشارة :النساء قادمون قادمون ….لكسر استبداد الرجل ) السي سيد( وإخضاعه لهيمنة المرأة، والتي سوف تفعل فيه من الأفاعيل ما الله به عليم ،متى دانت لها رقبته وأمسكت زمام الأمر والنهي…
واضح أيضا أن المرأة سوف تستولي على قيادة العالم ،فهي في بريطانيا وألمانيا والسويد والنرويج الدانمارك والفلبين والهند وباكستان وكندا ونيوزيلندا و…رئيسة دولة أو رئيسة وزراء.
ولا يمكن أن يكون وصول المرأة إلى قيادة هذه الدول وليدة الصدفة أوالمفاجأة الانتخابية ،بل هو ناتج عن مؤامرة ومخطط نسائي محكم انطلق مع نهاية الحرب العالمية الثانية ،حيث بدأت الثورة على الرجل في أوربا وأمريكا وسحب البساط من تحته شبرا شبرا حتى أصبح على الهامش لايهش ولاينش،وتم تهجينه وترويضه حتى استأنس وخضع وأصبح الرجل هناك :وديعا ولطيفا وأليفا يبصم بالعشرة للمرأة المحررة …معلنا أفول عصرالرجال .
واليوم في ألمانيا والسويد حركات نسائية تطالب بتبادل المواقع،الرجل يلزم البيت يطبخ ويغسل وينظف ويهتم بالأطفال والرضع ويهيئ رضاعة الحليب،بينما تتفرغ المرأة للعمل خارج البيت لكسب الرزق في المهن والوظائف الدنيا والعليا :من جمع القمامة إلى رئاسة الحكومة.
وسوف تصل المرأة في السويد وفي أغلب الدول الأسكندانفية إلى ما تصبو إليه ،ثم تنتشر العدوى إلى كل بقاع المعمورة ،لأن الرجل هناك مؤدب ومهذب ومطيع وأليف ومتفهم للغاية ،نعم متفهم للغاية أي والله…..وهي خطوة سوف تتبعها وتعقبها خطوات وخطوات ،حتى تستولي المرأة على العالم،وتشرع المرأة في بسط حكم عنصري قهري يقوم على قمع واضطهاد الرجل تشفيا وانتقاما لنساء العالم حيثما كانوا وحيثما وجدوا…
وسوف تظهر جماعات نسائية متطرفة تنادي بوجوب التخلص من الرجل بمدابح كبرى ومقابر جماعية أو بأفران الغاز حتى تسلم البشرية من شروره،فالرجل منذ الأزل وهو يشعل الحروب ويدمر العمران وينشر الخراب وييتم الصبيان ويرمل الزوجات ويحرق قلوب الأمهات…الرجل هو أس البلاء والكوارث وكل الأدواء…ذلك الرجل الذي طغى وبغى وتجبر وعتا في الأرض عتوا كبيرا.
وسوف تسخر دولة النساء التقدم العلمي ووسائط التكنولوجيا الحديثة في البحث المخبري وخصوصا في علم الأجنة من أجل نقل الحمل من بطن المرأة إلى بطن الرجل ،وسوف يموت عشرات الألوف وربما مئات الألوف من الرجال جراء هذه التجارب العلمية من ذوي البطون المنتفخة شهداء غير مأسوف عليهم.
وسوف تنشط منظمات حقوق الإنسان تناشد حاكمات دول العالم النسوي ،من أجل الحد من خطورة إبادة الرجال ،وأخرى تطالب بالمساواة مع النساء في حق التملك والتحرك والتنقل،والحق في المعرفة والوصول إلى المعلومة والأخبار ،والأكل الصحي والجيد من فرط المعلبات والمصبرات التي سوف تغزو الأسواق والمراكز التجارية الكبرى، وتصبح الطبق الرئيس على موائد الأغنياء والفقراء على حد السواء.
“وتصبح كسرة الخبز البلدي وطبق البقولة والقنارية والبصارة والدوارة باللفت المحفور وكسكس بالعقدة والتفاية أوبسبع خضاري والملاوي والرغايف والحرشة والشفنج وبغرير والقراشل والخليع والقديد والمروزية والشباكية واكريوش… “حلما بعيد المنال يداعب خيال الرجل المسكين…يصدر الزفرات ويرفع الشكوى سرا إلى الله العلي القدير،لأنها أغذية محظورة من رموز زمن الطغيان والاستبداد الذكوري البائد.
وسوف تتضاعف الجمعيات والمنظمات الذكورية التي تقود حركات تحرير الرجل من بطش واستبداد المرأة ،والتي لن يسلم من شرها بشر أو حجر أو شجر خالفها أوانتقدها…
وسوف تسجل حالات كثير لرجال خرجوا،وما عادوا،وآخرون سافروا وما رجعوا،وسوف ينشط برنامج “مختفون” بحلقات يومية وفي جل القنوات الخاصة والرسمية،وسوف ترتفع معدلات الانتحار في صوف الذكور بشكل مهول يهدد بقاء النوع وانقراض جنس الذكورة ،مما سيضطر منظمة الصحة النسائية العالمية إلى عقد لقاء ومؤتمرات دولية لاتخاذ توصيات وقرارات حاسمة تقضي بأخذ عينات منتقاة من ماء الرجال بالإكراه البدني والإجباروالقوة إن اقتضى الحال، من أجل تخصيب وتلقيح أطفال الأنابيب الصناعية ،والتي غالبا ما سوف يتم التحكم فيها جينيا من أجل اختيار الجنس واللون والطول وخصوصا تعزيز هرمونات القسوة والصرامة والقيادة وكذا العنف والشراسة وفي جنس الأنوثة وتقليل ذلك في جنس الذكورة، فيكون الرجل النموذج ،الرجل الصنف،أشبه بالحمل اللطيف الوديع في جسم ذكر… عين ترى وفم يبسم ويد تبصم ورجل تتحرك في مسار حدد سلفا…
وسوف تخضع مناهج ومقررات التربية والتعليم لإصلاحات شاملة بالحذف والإضافة والتصحيح والتنقيح وفي مقدمتها حذف نون النسوة وجعل الرفع حالة إعرابية وحيدة تسري على الكلمة والاسم حيثما كان وحيثما وجد…وذلك بإعدام الصرف والتحويل والشكل والإملاء.
وسوف…. وسوف…..وسوف ترى عيون الرجال ما لم يدر في خلدهم في صحو أومنام
ملحوظة لكل غاية مفيدة: الكلام قول وتصريح والواقع يثبت أويفند ،واليوم الواقع يحكي أصالة بلسان الحال،أن الإرهاصات والبدايات والمشاهدات المتواترة ،تؤكد أن الطريق معبدة وسالكة أمام النساء للنيل والظفر،كما صرحت بذلك الراحلة أم كلثوم في أغنيتها الشهيرة :للصبر حدود وكان يومئذ تهديدا مبطنا للرجل الشرقي والعربي عموما ،لكنه تغنى باللحن الزائل وغفل عن السم القاتل…
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه
يا خفي الألطاف ألطف بالرجل مما يحاك ضده سراوعلانية اليوم وغدا.
اللهم لا تجعل لنسائنا مما ذكر آنفا نصيبا قل أو كثر آآآآآمين
وفي الختام ،تعظيم سلام ،والتماس أمان للمرأة ينفعنا آجلا يوم تشتد قبضتها ويقوى بأسها
والسلام كل السلام لك أيتها المرأة حيثما كانت وحيثما وجدت، أما وأختا وزوجة وبنتا وجارة حتى.
وكل بسمة أو ضحكة انتزعتها منكم، هي هدية خالصة للأم الغالية.