عادت الحيرة لتستبد من جديد بعدد كبير من المواطنين من ساكنة مدينة المنزل؛ بعد استئناف أشغال البناء المتعلقة بالسور المحيط بالسكن الإداري لقائد بني يزغة هذا اليوم (مع بعض الترقيعات التي لا تضيف جديدا لمتانة الجدار). فرغم الضجة التي رافقت إقامة هذا الجدار ـ بكل العشوائية التي يتميز بها ـ وتوقف الأشغال لفترة قصيرة، فقد استؤنف العمل به من جديد.. في تحد سافر لكل الأعراف والقوانين المعمول بها. وأمام أنظار السلطة المحلية، التي آثر ممثلها المحلي الركون إلى الصمت والحياد، خلافا لما عُهِد عنه من الصرامة الشديدة والبأس في التعامل مع هذه الظاهرة، لدرجة مصادرة أدوات ومواد البناء. والإمعان في هدم الأبنية والجدران..
حيرة المواطنين لم تتوقف عند التقاعس المريب للسلطة المحلية.. في محاربة كل هذه العشوائية.. بل إن تساؤلات عدة أوردها البعض بخصوص هذا المشروع بقيت تحتاج إلى تفسير مقنع.. وتتعلق بالجهة التي تقف خلف المشروع؟ وتتساءل عن ميزانية هذه الأشغال؟ وعن مصدرها؟ وطريقة تفويتها؟ ولماذا ظلت تفتقر إلى دراسة أو تصميم؟ وهل حقا تتوفر على ترخيص؟ ولماذا لم يتم إشهاره علنيا بلافتة مميزة كما يطلب من عموم المواطنين؟ وهل من المعقول أن يمنح المجلس البلدي رخصة لأشغال تفتقر إلى دراسة أو تصميم وتشكل خطرا على المواطنين؟ خصوصا مع الثقل الهائل الذي سيقع على الجدار الذي يبنى بالحجارة، ولا يتوفر على أساسات أصلا، ومن المحتمل جدا أن يتهدم وينهار في أية لحظة.. وهي تساؤلات مشروعة خصوصا وأن أشغال البناء تتعلق بأحد المباني التابعة للدولة.
إن المفارقة العجيبة التي ساهمت الانتقائية في تكريسها إلى حد بعيد. من خلال غض الطرف عن مثل هذه الممارسات، والتزام السلطات لصمت مريب حيالها، هو كون القوانين تطبق بصرامة شديدة على البسطاء وعامة الناس فيما يتعلق بالأساسيات؛ في الوقت الذي تُخرق فيه هذه القوانين جهارا، وأمام الملأ، من طرف جهات محظوظة فيما يتعلق بالكماليات.. وهو ما يؤكد قولة أحدهم في أنه: قد تغيب الغابات.. لكن قوانينها أبدا لن تغيب..