أدرج المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (CIRDI) التابع للبنك الدولي رسميًا دعوى التحكيم التي رفعتها شركة Emmerson PLC ضد المملكة المغربية، بسبب الخلاف الناجم عن رفض دراسة التأثير البيئي والاجتماعي لمشروع منجمي لاستخراج البوتاس في منطقة خميسات.
وتحمل القضية رقم ARB/25/22، وتهم شركتي Khemisset UK Limited وPotasse de Khemisset S.A. التابعتين لمجموعة Emmerson، حيث تستند الدعوى إلى اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات الموقعة بين المغرب والمملكة المتحدة سنة 1999، والتي دخلت حيز التنفيذ في فبراير 2002.
نزاع بيئي يتحول إلى مطالبة بتعويض ضخم
النزاع تفجر عقب إصدار اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار (CRUI)، بتاريخ 28 أكتوبر 2024، توصية سلبية بخصوص دراسة التأثير البيئي للمشروع. وأرجعت اللجنة رفضها إلى مخاوف من التأثير المحتمل على الموارد المائية، معتبرة أن الاستهلاك المرتقب من المياه لا يتناسب مع قدرات المنطقة المائية، التي تعاني أصلًا من ضغط متزايد.
في المقابل، ترى Emmerson أن هذا الرفض يشكل إقصاءً تعسفيًا لاستثمارها الرئيسي، وتطالب المغرب بتعويض قدره 2.2 مليار دولار أمريكي، وهو ما يعادل بحسبها القيمة الإجمالية للاستثمار الذي جرى تجهيزه للمشروع.
تمويل خاص لتحكيم قد يستمر لعامين
ولتغطية تكاليف الإجراءات القانونية، حصلت Emmerson، في يناير 2025، على تمويل مخصص قد يصل إلى 11.2 مليون دولار، يتم سداده فقط في حال كسب الدعوى. وتتوقع الشركة أن تمتد مسطرة التحكيم أمام مركز CIRDI لمدة قد تصل إلى سنتين.
ويمثل مشروع خميسات الأصل الاستراتيجي الأهم في محفظة Emmerson، إذ يرتكز على احتياطيات تفوق 311 مليون طن بمتوسط تركيز يناهز 10.2% من أكسيد البوتاسيوم. ووفقًا لدراسة اقتصادية نُشرت عام 2018، يُعد المشروع من بين أكثر مشاريع البوتاس تنافسية عالميًا من حيث الكلفة، نظرًا لموقعه الجغرافي الذي يسمح بالوصول بسهولة إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية.
كان من المقرر أن تنطلق أشغال بناء المنجم سنة 2022، على أن تبدأ أولى عمليات الإنتاج خلال سنة 2024، غير أن تعثر الترخيص البيئي أوقف المخطط.
اتفاقية استثمارية في صلب النزاع
يُشار إلى أن الاتفاقية الثنائية لحماية وتشجيع الاستثمار بين المغرب والمملكة المتحدة، التي وُقّعت في 30 أكتوبر 1999، تتيح للطرفين اللجوء إلى التحكيم الدولي في حالة حدوث خلافات بشأن حماية الاستثمارات، وتنص على ضمان المعاملة العادلة والحماية من المصادرة غير المبررة، ما يسمح لـ Emmerson باستخدام هذه المرجعية القانونية في تحركها أمام CIRDI.
الملف أمام اختبار سياسي وقانوني
يأتي هذا النزاع في ظرفية دقيقة، حيث تزداد الضغوط البيئية والندرة المائية في المغرب، مما يضع الحكومة أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على جاذبية مناخ الاستثمار من جهة، ومراعاة الاستدامة البيئية من جهة أخرى. وستُتابَع هذه القضية عن كثب، ليس فقط من طرف المتابعين الاقتصاديين، بل أيضًا من قبل المنظمات البيئية والجهات الداعمة للحوكمة الرشيدة في تدبير الموارد الطبيعية.
4o