حرص الإسلام على أن يكون من ينتسب إليه ذا ضمير يقظ، تصان به حقوق الله وحقوق الناس، وتحرس به الأعمال من التفريط والإهمال، ومن تم أوجب على كل مسلم أن يكون أمينا.
والأمانة في نظر الشارع واسعة الدلالة، وهي ترمز إلى معان شتى، مناطها جميعا شعور المرء بمسئوليته في كل أمر يوكل إليه، وإدراكه الجازم بأنه مسئول عنه أمام ربه، على النحو الذي فصله الحديث الكريم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وكلكم َمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).
وهناك خطوات لتربية الناشئة على خلق الأمانة وهي كالتالي:
أولا: القدوة الصالحة، وهي من أفضل الوسائل لغرس قيمة الأمانة، فالولد الذي يرى أمه تغش أباه أو أخاه لا يمكن أن يتعلم الأمانة.
ثانيا: الموعظة لها أثر على النفس، وإن كان مؤقتا، لذلك يلزم تكرارها. والقرآن الكريم والسنة النبوية مليئان بالمواعظ التي تحث على الأمانة كقوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤذوا الأمانات إلى أهلها).
ثالثا: العقوبة: حين لا تفلح القدوة ولا الموعظة فلا بد من علاج حاسم وهو العقوبة، وقد استخدم القرآن الكريم والسنة النبوية التهديد والوعيد لترسيخ القيم الصالحة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء يعرف به، فيقال: هذه غدرة فلان”.
المؤسسات التربوية من أسرة ومسجد ومدرسة وجامعة وإعلام، هي القادرة على تعليم قيمة الأمانة والقيم الايجابية. فالأسرة ترسخ قيمة الأمانة في وجدان الناشئة وأعماقهم، حتى تهيمن على مشاعرهم وقلوبهم. وبواسطة خطبة الجمعة والحلقات الدينية التي تعقد في المسجد، ندعو الناس إلى التحلي بفريضة الأمانة، التي كان يتواصى المسلمون برعايتها ويستعينون بالله على حفظها، حتى إنه عندما يكون أحدهم على أهبة سفر، يقول له أخوه: “استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك”.
وتسهم المدرسة والجامعات في تعزيز منظومة القيم، وتنشئة مواطنين متحلين بروح المسؤولية، التي هي من معاني الأمانة. ويبرز دور الإعلام في إصلاح المجتمع، ولا صلاح بدون أمانة، فعند غيابها تضيع مصالح الناس وحقوقهم، لهوى أو رشوة أو قرابة، وهذا من مظاهر الفساد، جاء رجل يسأل رسول الله: متى تقوم الساعة؟ فقال له: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة؟ فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر لغيره فانتظر الساعة”.