كرّست القمة العربية الرابعة والثلاثون المنعقدة ببغداد، يوم 17 ماي الجاري، دعماً سياسياً واضحاً لترشيح المملكة المغربية للحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2028-2029، في خطوة تؤكد المكانة المتنامية للدبلوماسية المغربية في المحافل الدولية.
وأدرج هذا الدعم الرسمي ضمن البيان الختامي الصادر عن القادة العرب، الذين دعوا الدول الأعضاء إلى مساندة ترشيح المغرب لدى شركائها الدوليين. ويعد هذا الموقف، وفق محللين، أكثر من مجرد إجراء بروتوكولي، بل يعكس تحولاً في النظرة الإقليمية إلى الدور المتصاعد للمملكة على الساحة الدبلوماسية العالمية.
اعتراف بالدبلوماسية المغربية الفاعلة والمتزنة
وفي هذا السياق، وصف أستاذ القانون العام بجامعة ابن طفيل، عز الدين حنون، دعم الجامعة العربية لترشيح المغرب بأنه “ذو رمزية عالية ودلالة استراتيجية”، لكونه يأتي في ظل “تحولات جيوسياسية عميقة على المستويين الإقليمي والدولي”.
واعتبر المتحدث، في تصريح لـHespress FR، أن الدبلوماسية المغربية اتسمت في السنوات الأخيرة بالاستباقية والاعتدال والنجاعة، سواء في قضايا الأمن بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا، أو في دعم جهود السلام بليبيا، أو عبر الوساطة الهادئة في أزمات إقليمية، مما جعل المغرب يحظى بثقة واسعة لدى شركاء متنوعين.
المغرب حاملاً لصوتي إفريقيا والعالم العربي
وأشار الخبير إلى أن موقع المغرب الجغرافي وانتماءه المزدوج إلى الفضاءين العربي والإفريقي يمنحه قدرة فريدة على لعب دور “جسر استراتيجي” في القضايا الدولية. كما أن تحالفاته المتعددة، الممتدة من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية وآسيا، تؤهله لتمثيل واقعي ومتوازن لقضايا الجنوب العالمي داخل مجلس الأمن.
وشدد على أن هذا الدعم العربي “يوجه رسالة قوية للمجتمع الدولي، مفادها وجود إجماع عربي على قدرة المملكة على الدفاع عن القضايا المشتركة بروح من المسؤولية والتعاون”.
إحياء للعمل العربي داخل المنتديات الدولية
ويرى الأستاذ الجامعي أن الإجماع حول الترشيح المغربي يكتسي أيضاً بعداً رمزياً في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر منها العديد من المناطق العربية، مثل غزة والسودان وسوريا واليمن، ما يجعله بمثابة محاولة لإحياء التنسيق والعمل الجماعي العربي ضمن الأطر المتعددة الأطراف.
انسجام مع الرؤية الاستراتيجية للمغرب
ولفت عز الدين حنون إلى أن ترشيح المغرب لمقعد في مجلس الأمن يتماشى مع رؤية بعيدة المدى يقودها الملك محمد السادس، تقوم على تعزيز الحضور المغربي داخل المؤسسات الدولية، سواء من خلال العودة للاتحاد الإفريقي، أو من خلال المبادرات المناخية (كـCOP22)، أو عبر ما يُعرف بـ”القوة الناعمة الدينية” من خلال معهد محمد السادس لتكوين الأئمة، وصولاً إلى “المبادرة الملكية لتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي”.
واعتبر أن التمثيلية المغربية المحتملة داخل مجلس الأمن ستشكل رافعة إضافية لنشر قيم السلام والحوار والتعاون جنوب-جنوب، مشيراً إلى أن “الأمر يتجاوز الدعم الشكلي، فهو تتويج لمسار دبلوماسي متزن ومتماسك”.
تعبئة عربية شاملة
ورغم أن التصويت سيتم حصراً من قبل الدول العربية الواقعة في إفريقيا، إلا أن الأستاذ حنون أكد أن باقي الدول العربية تمتلك القدرة على تجييش دبلوماسياتها لدعم الترشيح المغربي، معتبراً أن “هذا التأييد العربي يمنح الملف المغربي زخماً حقيقياً على الساحة الدولية”.