العالم

العلاقات الجزائرية-السورية: الحسابات العالقة ومخاوف النظام الجزائري

playstore

العلاقات الجزائرية-السورية:يبدو اليوم أن التحرك المتسارع للنظام الجزائري نحو النظام الجديد في سوريا كان له هدفان رئيسيان. الأول هو تسوية الإرث العسكري الجزائري الداعم لنظام بشار الأسد، والثاني هو محاولة إقناع القيادة السورية الجديدة بالإبقاء على اعترافها بجبهة البوليساريو.

زيارة دبلوماسية أم مهمة سرية؟

sefroupress

جاءت زيارة وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، إلى دمشق في وقت حساس، حيث كانت الجزائر واحدة من آخر الدول العربية التي دعمت الأسد حتى اللحظات الأخيرة من حكمه. وبينما كان الأسد يبحث عن مخرج باتجاه موسكو، كانت الجزائر لا تزال تتشبث بموقفها الداعم له، وهو ما يطرح التساؤل عن أسباب استعجال النظام الجزائري في إعادة الاتصال بالسلطات الجديدة في دمشق فور تسلمها الحكم.

تشير المعلومات إلى أن الزيارة لم تكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل كانت تحمل أجندة ثقيلة، حيث تحدثت تقارير عن سعي عطاف إلى التفاوض بشأن إطلاق سراح جنود جزائريين ومرتزقة من البوليساريو محتجزين في سوريا. هذه الأنباء لم تنفها الحكومة الجزائرية رسميًا، بل اكتفت بتوجيه هجوم إعلامي على الصحافة المغربية التي سلطت الضوء على الموضوع.

الدور الجزائري في دعم الأسد عسكريًا

من المعروف أن إيران اعتمدت على عناصر أجنبية لإنقاذ نظام الأسد، كما فعلت مع حزب الله اللبناني. وتشير التقارير إلى أن الجزائر اتبعت نهجًا مشابهًا عبر إرسال عناصر لدعم الأسد في حربه ضد المعارضة. فخلال الأشهر الأخيرة من حكمه، لم يتردد الأسد في الإشادة بالدعم الجزائري، سواء من الناحية العسكرية أو اللوجستية، ما يؤكد أن الجزائر لم تقتصر على الدعم الدبلوماسي فقط.

هذا الدعم تجلى أيضًا في محاولات الجزائر لإعادة تعويم الأسد عربيًا خلال القمة العربية التي استضافتها الجزائر، وهي جهود باءت بالفشل، قبل أن تنجح الدبلوماسية السعودية في تحقيق ذلك لاحقًا خلال قمة الرياض.

أهداف الجزائر من التحرك نحو دمشق

تسعى الجزائر من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق هدفين رئيسيين:

1. التخلص بهدوء من آثار دعمها العسكري لنظام الأسد عبر التفاوض على إعادة الجنود الجزائريين وعناصر البوليساريو المحتجزين في سوريا.

2. محاولة إقناع النظام السوري الجديد بعدم تغيير موقفه من قضية الصحراء المغربية، حيث تسعى الجزائر إلى الحفاظ على اعتراف سوريا بجبهة البوليساريو ككيان مستقل.

 

في سبيل ذلك، عرضت الجزائر حزمة مغرية من المساعدات الاقتصادية والمالية على السلطات السورية الجديدة، إلا أن هذه المحاولة لم تحقق أي نجاح، حيث قوبل الوزير عطاف ببرود دبلوماسي، ما جعل زيارته تفشل في تحقيق أهدافها.

التداعيات المحتملة لهذه القضية

إذا تأكدت التقارير حول تورط جنود جزائريين ومرتزقة من البوليساريو في الحرب السورية، فإن ذلك سيكون ضربة قوية للنظام الجزائري، لأنه سيضعه في خانة المتورطين في الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد ضد شعبه.

على الصعيد الدولي، قد يؤدي هذا الأمر إلى محاسبة النظام الجزائري قضائيًا، خاصة مع احتمالية فتح ملفات عدالة انتقالية في سوريا بعد التغيير السياسي. كما أن أي تحقيق دولي في هذه المسألة قد يضع الجزائر في موقف محرج جدًا، تمامًا كما حدث مع إيران وحزب الله بسبب تدخلهما العسكري في سوريا.

أما فيما يخص البوليساريو، فإن ثبوت مشاركتها في النزاع السوري إلى جانب قوات الأسد سيعزز مساعي تصنيفها كمنظمة إرهابية، وهو الأمر الذي يسعى إليه المغرب منذ سنوات. فإذا ثبت أن البوليساريو انخرطت في حرب الأسد ضد شعبه، فإن ذلك سيغير قواعد اللعبة في الصراع المغربي الجزائري حول الصحراء، وسيعزز موقف الرباط في المحافل الدولية.

حسابات الجزائر الخاطئة

تُظهر هذه التحركات أن النظام الجزائري كان يراهن على نظام الأسد حتى اللحظة الأخيرة، لكنه اليوم يحاول لملمة تبعات دعمه الفاشل. فشل مهمة أحمد عطاف في دمشق يعكس تراجع النفوذ الجزائري في المنطقة، ويؤكد أن الواقع الجيوسياسي الجديد لا يسير وفقًا لحسابات النظام في الجزائر.

في النهاية، يمكن القول إن التورط الجزائري في الحرب السورية، إذا ثبت، سيكون نقطة سوداء في سجل النظام الجزائري، وقد يُشكل تحولًا كبيرًا في التوازنات الدبلوماسية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا