Site icon جريدة صفرو بريس

السودان… حرب بلا أفق تمزق الأرض وتشرد الإنسان

في مشهد يتكرر منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عام، تتوالى الأنباء عن دماء تسيل ومدن تتحول إلى ساحات قتال، فيما يعيش المدنيون بين مطرقة الجوع وسندان الرصاص. أحدث الفصول كان هجومًا بطائرات مسيرة على مدينة تمبول شرق ولاية الجزيرة، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، واستهدف تجمعًا عسكريًا في قلب منطقة ظلت لسنوات بعيدة نسبيا عن خط النار.

الهجوم الذي لم تتضح هويته حتى الآن جاء في وقت تحتدم فيه المعارك في مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، حيث تحاول قوات الدعم السريع إحكام قبضتها على ما تبقى من مواقع، بعد سيطرتها على أغلب مناطق الإقليم الذي يمثل شريانًا استراتيجيًا للسودان، بامتداده على ربع مساحة البلاد وحدوده المباشرة مع أربع دول.

وسط هذا التصعيد، تعيش المدن المحاصرة أوضاعا مأساوية. في الفاشر، شح في الغذاء والدواء، والمستشفيات تعمل بأدنى طاقتها. أما في الجزيرة، فقد تسبب الهجوم الأخير في موجة نزوح جديدة، مع استمرار تدفق المدنيين إلى خارج المدن عبر ممرات محفوفة بالمخاطر.

توقيت الضربة ونوعيتها يطرحان أسئلة عن تحولات في مسار الحرب. فالمسيرات الانتحارية، التي استخدمت في تمبول لأول مرة، تحمل رسالة واضحة بأن دائرة العنف تتسع، وأن مسرح العمليات لم يعد محصورا في جبهات دارفور أو الخرطوم، بل بات يشمل مناطق أخرى كانت بعيدة عن الاستهداف المباشر.

منذ أبريل 2023، تحولت الحرب في السودان إلى طاحونة لا ترحم، حصدت أرواح الآلاف ودفعت بالملايين إلى النزوح، فيما الاقتصاد ينهار والخدمات الأساسية تتآكل. وبينما يتبادل أطراف الصراع السيطرة على المدن، يبقى المدنيون هم الخاسر الأكبر، عالقين في دوامة من العنف والفقر وفقدان الأمل.

Exit mobile version