في خطوة دبلوماسية لافتة، استقبل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما، في العاصمة الرباط، في لقاء خرج عن الإطار البروتوكولي ليعكس تحولا ملموسا في منهجية الانفتاح السياسي للمملكة على الفاعلين الأفارقة.ويحمل هذا الاستقبال دلالة خاصة، بالنظر إلى مواقف زوما السابقة خلال فترة رئاسته، والتي اتسمت بعداء صريح تجاه الوحدة الترابية للمغرب. إلا أن الاستقبال في هذا التوقيت بالذات، يشير إلى أن المغرب لا يغلق الأبواب أمام المراجعة السياسية، متى ظهرت مؤشرات نضج أو استعداد للحوار الواقعي من الطرف الآخر.الزيارة تأتي في خضم تصاعد نبرة الدبلوماسية المغربية، حيث كان بوريطة قد شدد في تصريحات رسمية مؤخرا على أن المغرب لن يتساهل مع أي جهة، دولة كانت أو منظمة، تسمح بنشر خريطة المملكة مبتورة، في إشارة واضحة إلى رفض أي تلاعب بوحدة التراب الوطني.ولذلك، فإن استقبال شخصية مثل زوما في هذا الظرف بالذات، لا يمكن فصله عن الجهود الاستراتيجية لإعادة بناء التوازنات داخل القارة، عبر خلق قنوات تواصل مباشرة مع تيارات سياسية وازنة، حتى وإن كانت مواقفها السابقة على خلاف مع السيادة المغربية.الرباط، من خلال هذا اللقاء، توجّه رسالة مفادها أن المغرب منفتح على الجميع، لكنه حازم في ثوابته، وعلى رأسها الصحراء المغربية. كما تؤكد أن القيادة المغربية تعتمد دبلوماسية استباقية، تُوظف الذكاء الاستراتيجي دون أن تفرط في المبادئ.لقاء بوريطة وزوما قد يكون فاتحة لمرحلة جديدة من النقاش داخل جنوب إفريقيا، وربما داخل تيارات “التضامن الإفريقي” التي ظلت أسيرة سرديات تقليدية حول النزاع المفتعل، في وقت تتغير فيه الحقائق والوقائع على الأرض.
الرباط.. ناصر بوريطة يستقبل جاكوب زوما في زيارة تحمل رسائل سياسية عميقة
