المغرب

التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية 2024: مؤشرات التأديب ومسار الإصلاح القضائي

أفاد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية لسنة 2024 بأن المجلس تطرق خلال السنة إلى 44 ملفا تأديبيا شملت 65 قاضيا، وأسفرت عن اتخاذ عقوبات في حق 35 منهم، فيما انتهت ملفات أخرى بقرارات غير عقابية مثل عدم المؤاخذة أو البراءة أو تأجيل البت.

تشير الأرقام إلى أن المجلس اتخذ قرارات صارمة في بعض الحالات، تضمنت عزل 3 قضاة، إحالة قاض على التقاعد الحتمي، الإقصاء المؤقت عن العمل مع الحرمان من الأجر في حق 9 قضاة، واعتبار الانقطاع عن العمل في حق قاضيين، إلى جانب إصدار 10 إنذارات و10 توبيخات، ما يعكس اهتمام المجلس بضمان نزاهة المنظومة القضائية ومحاسبة كل من يخل بالواجبات المهنية.

في المقابل، سجل التقرير عددا من القرارات غير العقابية، منها البراءة، وعدم المؤاخذة مع لفت الانتباه، وتأجيل البت، وهو ما يعكس تبني المجلس لمقاربة متوازنة بين الردع والمراجعة الدقيقة للملفات، مع مراعاة الظروف والأدلة في كل حالة.

أما على مستوى مسار الإحالة والحفظ، فقد أظهر التقرير إحالة 70 قاضيا على المجلس التأديبي مقابل الحفظ في حق 21 قاضيا، وهو مؤشر على ارتفاع وتيرة الاشتغال على الملفات الجاهزة للتحقيق، دون أن يعني بالضرورة ارتفاع المخالفات القضائية. هذا التوجه يعكس محاولة المجلس تعزيز الشفافية والمساءلة، مع التركيز على التقييم الدقيق قبل إصدار العقوبات.

هذه البيانات يشير إلى أن المجلس يسعى إلى بناء ثقافة تأديبية قائمة على الموازنة بين الحزم والإنصاف، وهو جزء من الإصلاح المستمر للقطاع القضائي، الذي يهدف إلى تقوية الثقة في القضاء وضمان الالتزام بالقيم المهنية. كما يعكس التقرير مستوى الاحترافية في التعامل مع المخالفات، إذ يتم التمييز بين الحالات التي تتطلب العقوبة الفعلية وتلك التي يكتفي فيها بالتحذير أو عدم المؤاخذة، مما يشجع على التقييم الموضوعي لكل حالة على حدة.

بصفة عامة، يمكن اعتبار التقرير مؤشرا على نضج المنظومة القضائية المغربية في إدارة ملفات التأديب، مع التركيز على الشفافية والمحاسبة المتوازنة، ما يعزز مصداقية القضاء ويؤكد استمرار جهود الإصلاح المهني داخل القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى