البرلمان الأوروبي :في بداية العام الجديد، اتخذ البرلمان الأوروبي موقفاً حازماً بإدانة اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، مطالباً بالإفراج الفوري عنه. تبنت هذه الإدانة الأغلبية الساحقة من أعضاء البرلمان، ما يعكس تزايد الاستياء الأوروبي من انتهاكات النظام الجزائري لحقوق الإنسان وحرية التعبير.
تجلت هذه الإدانة في قرار موحد، صاغته مختلف الكتل السياسية باستثناء مجموعة “اليسار”، وصوّت عليه 533 نائباً من أصل 605، مع اعتراض 24 نائباً فقط. القرار لم يقتصر على قضية صنصال، بل تحول إلى لائحة اتهام شاملة للنظام الجزائري، مسلطاً الضوء على القيود الجديدة التي فرضت على حرية التعبير في البلاد، تراجع حرية الصحافة، واحتجاز المئات من السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي.
وأشار القرار إلى أن الجزائر سنت في عام 2024 تعديلات على قانونها الجنائي تزيد من التضييق على الحريات، مضيفاً أن البلاد تحتل المرتبة 139 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2024. كما ذكر التقرير أن هناك ما لا يقل عن 215 معتقلاً سياسياً وفقاً للمنظمات الحقوقية الجزائرية، مع تصاعد الرقابة والقمع ضد الإعلام المستقل.
رغم هذه الإدانة الواضحة، يبقى التنفيذ الفعلي لهذا القرار محدوداً بسبب غياب أدوات قانونية فعالة تربط المساعدات الأوروبية باحترام الجزائر لحقوق الإنسان. إذ تشير التقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم للجزائر بين عامي 2021 و2024 ما يعادل 213 مليون يورو في إطار برنامج التعاون متعدد السنوات، دون تحقيق تقدم ملموس في مجال الحريات العامة.
فيما يدعو البرلمان إلى أن تكون المساعدات المستقبلية مشروطة بتحسين سجل الجزائر في حقوق الإنسان، تجنبت الصيغة النهائية للقرار استخدام لغة صارمة، مفضلة عبارات دبلوماسية أقل حدة مثل “يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التقدم المحرز”.
إن هذا الموقف الأوروبي، رغم قوته الرمزية، يواجه تحديات عملية كبيرة، سواء في تطبيق الشروط على الجزائر أو في تجاوز الروتين البيروقراطي الأوروبي. وفي ظل هذا الوضع، تظل قضية بوعلام صنصال اختباراً حقيقياً لمدى استعداد الاتحاد الأوروبي للانتقال من الأقوال إلى الأفعال في مواجهة نظام يستمر في قمع الحريات بلا هوادة.
