يواصل الأستاذ درداري تفكيك و تحليل منظومة العلاقات المغربية الافريقية ، و الاسهامات الملكية في نهضة القارة حيث يرى أن إفريقيا يجب عليها أن تخلق توازنا بين الإنتاج و الاستهلاك. و لهذا على القارة أن تكون مستعدة لاستقبال الاستثمار بوجود قوة اقتصادية على الأرض حتى لا تتضرر الدول الافريقية من المنافسة.
و لهذا فالتوجه الملكي يجد طريقه نحو بناء اقتصاد أطلسي افرقي بمشاركة حوالي 22 دولة إفريقية لها منفذ على المحيط الأطلسي ، بمثابة عمل اقتصادي تنافسي كي لا نكون ضحية المنافسة الدولية . و هذه الدول كلها معنية ببناء هذه البنية التحتية الاقتصادية و هذا الاقتصاد التشاركي الذي يجب أن يكون معززا بالموارد المالية الكافية ، و بمشاريع عملاقة من حجم المشاريع الدولية كميناء الداخلة أو ميناء طنجة المتوسط .
لهذا يجب أن تكون هناك موانئ من هذا النوع على امتداد الواجهة الأطلسية الإفريقية لأن المبادلات التجارية تحتاج إلى خطوط بحرية قوية ، و بنية مطارات قوية أيضا ، علاوة على الطرق السيارة و السكك الحديدية التي تربط العواصم الاقتصادية لدول افريقيا .
في هذا الإطار يجب ملاحظة أن الدول الافريقية التي افتتحت قنصليات لها في الداخلة هي الدول القوية اقتصاديا و ذلك لكون القنصليات الموجودة في الداخلة كلها ذات استراتيجية اقتصادية . فالمغرب يمضي في هذا المنحى لتعزيز القوة الاقتصادية للمغرب و للقارة الافريقية .
و لهذا نرى أن اسهامات المغرب منذ سقوط الثنائية القطبية و هو السقوط الذي منح الفرصة لكل الدول لتشكيل تكتلات اقتصادية ، و هو ما اعطى المغرب شركاء نموذجيين يمكنه من خلالهم نمذجة الشراكة مع افريقيا للحفاظ على المصالح الاقتصادية و خلق نموذج للعلاقات جنوب جنوب على غرار نموذج شمال جنوب لكون البنية الاقتصادية للقارة هي مخاطبة للبنية الاجتماعية ، لأن بدون بنية اقتصادية قوية ستظل الهجرة و سيظل الفقر ، و البطالة و الأمراض ، و الهشاشة و كثير من المظاهر الاجتماعية كالجريمة و التنظيمات الإرهابية التي تنشط في المجتمعات الأكثر فقرا. و لهذا فإن افريقيا إذا ارادت محاربة الإرهاب ، فعليها أن تملك الإنسان بما يحتاجه لتحقيق كرامته.فالتنظيمات الإرهابية تصطاد الانسان الضعيف العقيدة و المفتقد لكرامته الإنسانية ، و تطرح أمامه كثير من الاغراءات و تذهب به في اتجاه اللاعودة .إن إفريقيا تشتغل اليوم مع المغرب وفق أجندة اقتصادية ستشغل القارة و ستجعل من دولها قوى اقتصادية جديدة ستظهر إلى الوجود كدول صاعدة . و ما يؤهلها لذلك هو ما تتوفر عليه من ثروات طبيعية و ثروات بشرية .
لا ننسى أن المغرب بقيادة جلالة الملك قد بصم على هوية إفريقية جديدة تسمى الهوية الاستراتيجية الأطلسية ، و سيسجل التاريخ أن جلالة الملك حامل لمشاريع قارية لكونه يريد أن يرى العالم الغربي من الأطلسي الإفريقي .
و هذا يعني ان تكون جسور التعاون و التجارة و المنافسة مهمة ، و ما تزخر به القارة قادر على تحويلها إلى قارة حرصت عبر التاريخ على ذاتها ، و بقيت متميزة رغم تخلفها لكنها اليوم انطلقت بشكل جيد و بوصلة ذكية نحو الاقتصاد الرقمي و الانتقال الطاقي و الاستفادة من الخبرات المغربية في كل المجالات الزراعية و غيرها .
كل هذا سيجعل المغرب شريكا قويا و داعما للتنمية في إفريقيا ، و صاحب الجلالة وجه الحكومة بالحرص على الدبلوماسية الاقتصادية إلى جانب الدبلوماسيات الأخرى كالدبلوماسية البرلمانية و القضائية و الأمنية ، و الدبلوماسية المدنية و حتى الدبلوماسية الإعلامية على غرار جريدة صفرو بريس التي تسوق للقارة الافريقية حقوقها و مكتسباتها ، كما توضح أن القارة الإفريقية توجد على الطريق الصحيح ، و على المغرب أن يكون السند القوي من خلال تعبئة كل الطاقات ، و تعبئة كل الشراكات لجلب الاستثمار و تعزيز جاذبية الاقتصاد الافريقي ، و التنسيق مع مختلف الفاعلين سواء منهم القطاع الخاص أو القطاع العام أو الشركات الكبرى لتجديد الإنتاج الافريقي و إرساء دعائم التعاون بين مختلف دول القارة بقيادة مغربية في المجال الاقتصادي و في مجال الاستثمارات كون المغرب يتوفر على المعرفة الكافية و الخبرة الكافية ، و أيضا القدرة على ربط الجسور الاقتصادية و غيرها مع دول القارة الإفريقية.