Site icon جريدة صفرو بريس

ازمة النساخ القضائيين في زمن جائحة كورونا

في ظل هذا الانتشار الرهيب لفيروس كورونا المستجد (19COVID) المصنف كجائحة من طرف منظمة الصحة العالمية والذي غزى البلاد والعباد دون سابق إنذار كان لزاما علينا جميعاً أن نلتزم بيوتنا توقيا من الخطر الداهم واحترازا من تفشي الوباء إلى الحد الذي يصعب معه السيطرة عليه، وكان من حسنات الحكومة المغربية أن أعلنت حالة الطوارئ الصحية بموجب المرسوم 2.20.290 بتاريخ 23 مارس 2020 لتجنب الكارثة وعواقبها السيئة، إلا أنه ومع طول فترة الحجر الصحي ظهرت هشاشة بعض المهن التِي كانت تبدو منظمة ومحصنة من النكسات وظهرت معها بوادر أزمات اقتصادية كبيرة تزحف على رؤوس الجالسين في بيوتهم الذين فقدوا أعمالهم وليس لهم مورد رزق آخر غيره، وباستثناء الموظفين مع الدولة فإن جل القطاعات والمهن تضررت كثيرا من هذا التوقف الإضطراري عن العمل، ومن ضمن المهن التِي أصبحت تعاني جراء ذلك مهنة النساخة المجردة من أي تغطية صحية أو اجتماعية والتِي طالما نادى أصحابها بتسوية وضعيتهم منذ سنين عديدة وصدحت حناجرهم مرارا أمام مقر وزارة العدل مطالبين بضرورة الإهتمام بالنساخ وإيلائهم العناية اللازمة للرقي بمستواهم الإجتماعي والإقتصادي وانتشالهم من براثن الفقر المقنع الذي يعيشون فيه، وفك ارتباط مصيرهم بمصير مهنة أخرى ولكن دون استجابة تلبِي الطموحات المنشودة. وها نحن اليوم وبمجرد ما وضع النساخ أقلامهم مع بداية الجائحة ظهر عليهم العوز وأضحوا يئنون في صمت تحت وطأة الهشاشة وقلة ذات اليد واشرأبت أعناقهم إلى التدابير التِي ستتخذها الدولة للتخفيف عنهم من هذه الشِّدة، ولكن ما يحز في النفس أكثر أن المهنة تبدو في ظاهرها مهيكلة ومنظمة بقانون وأن أصحابها لهم أجور مقابل ما يقومون به من خدمات وهو ما جعل الدولة تصنفهم -ربما- ضمن المهن التِي لا تحتاج إلى دعم، والواقع أن حالهم قد يصل في كثير من المناطق إلى ما دون وضعية القطاع غير المهيكل الذي توليه الدولة عناية خاصة وتسعى إلى تخفيف العبء عنه بما اتخذته من تدابير. إننا معشر النساخ القضائيين ومع توالي أيام الحجر الصحي واستمرار التوقف كرها لا طوعا عن العمل نجد أنفسنا أمام مستقبل غامض وتوجه نحو المجهول قد يعصف بنا وبأسرنا إلى ما لا تحمد عقباه، فهناك العديد من الناسخات والنساخ الذين أصبحوا عاجزين عن تأدية واجبات كراء سكناهم وغير قادرين على تدبير مستلزمات الحد الأدنى من العيش لهم ولذويهم وأضحوا قاب قوسين أو أدنى من التصنيف تحت عتبة الفقر، ومع استمرار لامبالاة اللجنة التِي استرعاها جلالة الملك على رأس الصندوق الخاص بتدبير الجائحة رغم أننا توجهنا إليها بطلب الإستفادة من موارد هذا الصندوق بشكل مباشر، وعن طريق وزارة العدل التِي رفعت إليها الطلب مشكورة، وكذلك عن طريق عدة هيئات حزبية وسياسية أخرى كما راسلنا رئاسة الحكومة في الأمر أيضا. وبالتالي فإننا نجد أنفسنا مضطرين إلى إعادة توجيه النداء إلى اللجنة الساهرة على تدبير موارد الصندوق الخاص بجائحة كورونا من أجل التعجيل بمد يد المساعدة إلى هذه الفئة التِي أصبحت ترزح تحت وطأة ظروف عصيبة بدون موارد تذكر تلبِي عصب الحياة لمئات من الأسر التِي باتت على حافة الفقر المدقع، باعتبارها الأكثر معاناة وهشاشة ضمن باقي المهن القانونية والقضائية.

Exit mobile version