أكد الدكتور احمد درداري في ندوة مؤسسة صفروبريس أنه لتعميق العلاقات الروحية بين المملكة المغربية و إفريقيا تعمل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة على نسج خيوط و جسور التعاون المبنية على البر والتقوى ، و أيضا على حسن اطلاع العلماء الأفارقة على ما تقتضيه الرسالة منهم ، و هو ما جعل إفريقيا تتبوأ مكانتها على الساحة الدولية ، و بهذا فجلالة الملك يعتبر موجها للفعاليات الروحية بحكم حقل إمارة المؤمنين الذي يرأسه من خلال توجهه المتسامح الذي يحاول التقريب بين المذاهب إذ لا ننسى أن جلالة الملك استقبل البابا و يسعى لمواجهة التطرف من خلال مناهج تربوية وليس فقط بالعسكر و المال . فالزيارات الملكية للقارة الإفريقية التي تجاوزت خمسين زيارة هي صبيب روحي و إنساني كما هي صبيب اجتماعي و اقتصادي مهم من منطلق أن القارة هي المشتل و هي البيت الحقيقي للمغرب . كما أن القارة تبقى مدينة للمغرب بالنظر لكم الاتفاقيات الموقعة و اثرها على نضجها الفكري و الاقتصادي و الاجتماعي و أيضا في المجالات التقنية و سبل مكافحة الفقر و الأمراض ، و تأهيل الزراعة و طرق تدبير المياه ، و تطوير الصناعات الغذائية و الدوائية إضافة إلى تطوير البنيات التحتية . يجب أن نتذكر أن هناك عالمة مغربية ترأس الوكالة الإفريقية للفضاء لما لتكنولوجيا الفضاء من أهمية في التطور العلمي و التنمية . من هنا نقول ان العلاقات الاقتصادية التي أسسها المغرب مع إفريقيا و استثمر فيها مبالغ بالمليارات في العديد من القطاعات كالأبناك و غيرها ، و كذلك الزراعة الإفريقية التي أصبحت تعتمد على الفوسفات المغربي في السينغال و الكونغو و غيرها من دول إفريقيا . فالدولة المغربية بقيادة جلالة الملك تعي أهمية العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و الدينية مع العمق الإفريقي في ظل بيئة دولية محكومة بمنطق المنافسة . و في ظل وجود بعض المتصارعين و ليس منافسين يجب العمل على حماية المكتسبات ، و العمل على تحقيق المصالح المشتركة وفق استراتيجية التمكين القوية ، اي ان التعاون ينبغي ان يكون في الإطار الشرعي الذي يخدم السلم و الأمن الدوليين. و سبق لجلالة الملك ان طرح في افتتاح منتدى خاص بدولة الكوت ديفوار ضرورة التفكير في ابتكار نموذج أصيل للتنمية على مستوى القارة الإفريقية ليكون هناك نموذجا مبتكرا خاصا بالقارة يجمع الأدوات و المفاهيم ، و يجمع كذلك الوسائل البشرية و المالية و التقنية لكون القارة في حاجة إلى مفاهيم تنموية جديدة ، لأن الخروج من العجز المسجل في الماضي يمر عبر خلق نهضة تنموية ، و نسجل ان إفريقيا و منذ بداية الألفية الجديدة أصبحت تتخلص من رواسب الماضي ، و تستعيد ثقتها في مكانتها و مواردها ، و ما تتوفر عليه من كفاءات بشرية . و بذلك أصبحت القارة الإفريقية موجودة على الساحة الدولية . فإذا كان القرن الماضي هو قرن الانعتاق من الاستعمار ، فإن القرن الحالي هو قرن الانتصار على التخلف و الفقر و الاقصاء . هكذا اصبحت القارة تواجه مجموعة من التحديات و في مقدمتها تحدي الاستقرار السياسي كون إفريقيا تحتاج إلى محاربة الانقلابات العسكرية ، و التنظيمات المتطرفة ، و تحتاج إلى ترسيخ التعاون و التضامن بين الشعوب الإفريقية ، و احترام سيادة الدول كوجه من أوجه النضج السياسي لدى دول القارة . من هنا فإن التعاون القائم على الجوانب الروحية و الروابط الثقافية و الوشائج التاريخية اصبح اليوم يرتكز على النجاعة و على المصداقية ، لأن العلم أثبت أن النجاعة و الجدية تعتبران ضمانة لتطوير القدرات . فبتسخير الإمكانيات و الثروات التي تزخر بها القارة يمكن تغيير الواقع من خلال علاقات جنوب جنوب يقوم على اقتسام التكاليف و الأرباح من خلال علاقات تكاملية ما بين بلدان القارة .
يتبع