أمطار العروي تكشف هشاشة البنية التحتية من جديد

مرة أخرى، تجد جماعة العروي نفسها أمام مشهد مألوف يتكرر كل عام مع أولى التساقطات المطرية، حيث تحولت شوارع المدينة مساء الجمعة 10 أكتوبر إلى أنهار جارفة، غمرت الأحياء والمنازل، وتسببت في أضرار مادية جسيمة، وسط حالة من الخوف والارتباك بين السكان.
ما وقع في العروي ليس مجرد حادث عرضي، بل هو نتيجة مباشرة لسنوات من غياب التخطيط الحضري الفعّال، وضعف شبكات تصريف مياه الأمطار، وغياب الصيانة الدورية للبنية التحتية. فالمياه لم تجد طريقا تنساب فيه سوى الشوارع والمنازل، لتتحول الفيضانات إلى كابوس يتجدد مع كل موسم مطري.
الطريق الوطنية الرابطة بين العروي وسلوان تحولت إلى بحيرة مغلقة، وشلت حركة المرور لساعات طويلة، فيما علقت سيارات تحت قنطرة السكة الحديدية بين المدار الحضري لسلوان والمنطقة الصناعية، مشهد يلخص بوضوح حجم العجز في مواجهة ظواهر طبيعية متوقعة وليست استثنائية.
ورغم تدخل عناصر الوقاية المدنية بسرعة لإجلاء العالقين وشفط المياه من المنازل، فإن ذلك لا يخفي عمق المشكلة البنيوية التي تعاني منها المدينة. فالأمطار لا يمكن تحميلها المسؤولية، بل سوء تدبير الشأن المحلي وغياب رؤية استباقية واضحة لمواجهة مثل هذه الحالات.
تصريحات السكان المتضررين تعبّر عن إحباط جماعي من وعود الإصلاح التي لم تترجم إلى واقع ملموس. فكل سنة تتكرر نفس السيناريوهات، بنفس العناوين والوعود، دون أن يلمس المواطن تحسنا في البنية التحتية أو استعدادا حقيقيا من السلطات المحلية لمواجهة المخاطر المتوقعة.
العروي اليوم أمام اختبار جديد، ليس فقط في قدرتها على احتواء الأضرار، بل في ضرورة مراجعة شاملة لطريقة تدبيرها للمجال الحضري، ووضع سياسات واقعية لحماية المواطنين وممتلكاتهم. لأن الكارثة الحقيقية ليست في سقوط الأمطار، بل في سقوط الثقة في المؤسسات المحلية التي كان يُفترض أن تجعل من نعمة المطر مصدرا للحياة لا للخوف.