Site icon جريدة صفروبريس

أسباب الغلاء في المغرب وسبل المعالجة.

يبدو دستور 2011 الذي غير من مفهوم السلطة وطريقة الوصول اليها وممارستها، التي ما تزال تحتاج الى تفسير وشرح وربطها بالغايات الحقيقية وإبلاغ جميع المؤسسات الدستورية بالمضامين الحقيقية التي ما تزال تجابه بالتغاضي وعدم الإصغاء الى الشارع من جهة وتجاهل الحكومة لأدوار باقي المؤسسات الدستورية وغياب التنسيق من جهة أخرى. ذلك ان الطابع الملزم لروح الدستور والبقاء في شكليات نصوصه خلق نوع من الهروب عن الهدف والغاية من وجود دولة المؤسسات والغاية من وجود القانون والمتمثلة في خدمة الوطن وحماية حقوق المواطنين بروح المسؤولية والمواطنة.
وموضوع ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة يبين انه إما ليس هناك منظرين ولا خبراء ولا حتى مسؤولين يراقبون الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية من داخل الثوابت الوطنية والدستورية، بالرغم من وجود جميع الامكانيات والوسائل لتجنب المغرب تعميق الازمة وتهديد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وإما لا يسمع لهم أحد، ذلك ان الخطب الملكية تفرغ من مضمونها رغم ثقل حمولتها ونوعيتها وعمق دلالتها وجديتها، منذ 1999 الى اليوم ، وكأن خطب جلالة الملك لا تعني الحكومة ولا البرلمان ولا حتى باقي المؤسسات الدستورية من قبيل مؤسسات الحكامة ومؤسسات الرقابة، إضافة الى تخطي المقاربات التي تدعو اليها الخطب الملكية من حكامة وشفافية ونزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة والانصات والفعالية والنجاعة والقرب والمبادرة والترشيد …الخ، ذلك ان الواقع لا يعكس تعاطي الحكومة مع مضمون الخطب الملكية، ويبين التناقض بين القول والتوجيه الملكي وواقع الممارسة العملية للمؤسسات الدستورية، وكأن هناك صراع حول من يحكم ومن يقدر على رفض اتخاذ القرارات المناسبة، حيث يكشف الواقع عن ضعف المردودية الحكومية، وبقاء العملية السياسية تدور في فلك الاختيارات والأولويات والتدبير الارتجالي بدون مخططات دقيقة ودون تحمل للمسؤولية كاملة .
ويكفي الوقوف على تقارير والي بنك المغرب الذي نبه عدة مرات الى ضرورة مراجعة الحكومة لسياستها ونهجها الذي يبين ان السياسيين تنقصهم الخبرة والروح الوطنية، ولا يهتمون بالتوازنات السياسية وحدود العيش المشترك بين جميع المغاربة، ولا الأخذ بعين الاعتبار التوقعات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بحياة المواطنين بمختلف مستوياتهم، وما لتدهور الوضعية المعيشية نتيجة ارتفاع الأسعار من أثر على الطبقات الاجتماعية خصوصا الطبقة المتوسطة والفقيرة. كما ان المندوبية السامية للتخطيط أيضا تتوفر على معطيات ومؤشرات مهمة عن الوضعية العامة للبلاد توفرها عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى التي تجرى على رأس كل عشر سنوات، والتي يمكن أن تمثل خارطة طريق للأوراش التنموية التي توفرها هذه المؤسسة ومواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلاد، ويمكن لجميع القطاعات أن تشتغل على المعطيات المتوفرة لدى هذه المؤسسة الوطنية والاسترشاد بتوصياتها واستنتاجاتها.
صحيح ان العالم مر بفترة جائحة كورونا التي تسببت في ازمة اقتصادية واجتماعية عالمية، وصحيح ان هناك عامل الجفاف وقلة التساقطات المطرية التي لها وقع سلبي على الموسم الفلاحي، إضافة الى اتساع رقعة الفقر بالبوادي والتي تبقى الدولة مسؤولة عنها لانعدام الاهتمام بالمواطنين من حيث تعليمهم وتكوينهم، رغم ان البوادي هي أعشاش انتخابية مهمة لتفريخ الاصوات التي تبني الحكومة، وعليه يطرح سؤال عريض حول الأسباب الرئيسية لتردي الأوضاع الاجتماعية وارتفاع الأسعار؟
يمكن حصر الأسباب الرئيسية التي تقف وراء تدهور الاوضاع الاجتماعية وغلاء الاسعار وتضرر الغالبية العظمى من الشعب فيما يلي:

الدكتور أحمد درداري
أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد الملك السعدي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان.
رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات بمرتيل.

Exit mobile version