كلما طفت قضية المرأة وحقوقها في المشاركة السياسية على السطح إلا وسال لعاب المسؤولين من أجل النهم من الغنيمة والتبجح بسياسة هذا الحزب أو ذاك في مقاربة النوع الاجتماعي وإيلاء المرأة مكانة متميزة في صنع القرار السياسي.
هي أفكار سودت بها القوانين التنظيمية للأحزاب وزينت بها تقاريرهم الدورية دون أن تكون ملامسة للواقع الحي الذي تبينه الممارسة والاطلاع.
كثير منا شاهد كيف تهافت السياسيون على اليوم العالمي للمرأة، وكيف تفنن كل واحد منهم على ابتكار أساليب تكرس المقولة الفيسبوكية “شوفوني كانقدر المرأة” على غرار “شوفوني كانصلي” و شوفوني كانعطف على الأيتام” وغيرهما…
والسؤال: هل فعلا الطبقة السياسية تعتقد بدور المرأة في المشاركة السياسية؟ أم أن موضة هذا العصر تقتضي أن تؤثث مكاتب المسؤولين بأسماء وأجساد لنساء يحسبن على السياسة قشورا لا لبا واقتناعا؟
وهل فعلا انتخابات 4 شتنبر 2015 حملت صحوة تجديدية لدور المرأة في العمل السياسي، مع ما صحبته هذه الاستحقاقات من مستجدات تشريعية تدفع بالمرأة دفعا نحو مراكز المسؤولية؟
لعل الجواب عن هذه الأسئلة يظهر بلسان الحال قبل لسان المقال؛ فإلقاء نظرة خاطفة أو عميقة لمختلف تشكيلات المجالس المنتخبة يوضح بجلاء محدودية مسؤوليات المرأة بالمقارنة مع ما أسند للرجل.
إن الميزان الذي تقاس من خلاله كفاءة المرأة يختلف اختلافا جليا والميزان الذي به تقاس كفاءة الرجل، وليس ذلك من باب التمييز الإيجابي بل العكس؛ فالواقع يبين أن دونية دور المرأة كربة بيت في مخيال الرجل تكبلها عن أداء دور إيجابي داخل الحياة السياسية.
وأي خطأ من المرأة يؤول على أنه من صفات الضعف والنقص اللصيق بشخصيتها، أما أخطاء الرجل فهي اجتهادات محترمة محمودة له أجرها وإن كانت عواقبها وخيمة لما جاء في الحديث الشريف:”ومن اجتهد فأخطأ فله أجر الاجتهاد”.
وإن كانت المرأة تصبو لتحقيق الذات سياسيا وتطمع في مساحة داخلالساحة السياسية فعليها أن تقدم آيات الولاء والطاعة، وأن تغيب ذاتها وتستورد شخصية الرجل الذي يحضر عشاءات العمل ويشتغل ليلا، وتقتحم مجال الهزل الرجالي اقتحاما.
هي شخصية رجولية لا ولاء لها سوى ولاء الرجل.. بل هو تنكيل للمرأة وتحقير لدورها في المجتمع.
وبين التهميش والتنكيل يضل باب الأمل والرجاء مفتوحا في انبثاق حركة تصحيحية للمشهد السياسي، تؤسس لعمل نسائي محض لا تضطر المرأة خلاله الى تغييب ذاتها ولا تعرض فيه للابتزاز والتحقير…
وهي رسالة لمن يهمه الأمر :”ألا فلا يجهلن قوم علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا”.