أمينة أوسعيد
أخذتنا الحياة ومشاغلها وما عدنا كما كنا في السابق. كانت قلوبنا مفتوحة على مصرعيها لا تعرف غير الحب بصدق والتعامل بسخاء. كانت قلوبنا أرضا خصبة لا نزرع فيها سوى الخير ولا تعطي سوى الخير. بالأمس كنا ننثر بذور الحب بيننا دون أن ننتظر المقابل. كانت كلمة شكر تكفي ونظرة عطف تمسح كل الخلافات. لكن اليوم كل هذه المشاعر اختفت وحلت محلها مشاعر الكره والحسد والضغينة بوجود أسباب لهذا الكره أو بدونه وطغت المصالح المادية على أغلب العلاقات الاجتماعية.
اليوم قلوبنا كثل مثقلة متعبة تضرب بقوة على جدار صدورنا. اليوم قلوبنا صحراء جرداء لا وقت لها للحب. متطلبات الحياة وغلاء المعيشة أوقف كل الأحاسيس الإيجابية فينا وأصبح تفكيرنا محصورا في كيفية تدبير الراتب الشهري حتى يغطي المصاريف اليومية. قتلت فينا المسؤولية اتجاه العائلة والعمل والدراسة كل مشاعر الحب ووأدتها في حفرة عميقة.
الحب اليوم أصبح قيمة مادية محضة. الأم تحب الابن الذي يغدق عليها مالا أكثر وتوزع صكوك “الرضى” على من يملأ جيبها دون أن تطلب. والزوجة تحب الزوج السخي الذي يضع بطاقته البنكية بين يديها. والصديق يحب زملاءه الأغنياء الذين يصحبونه للأماكن الراقية. الحب أصبح مبلغا ماليا يمنح لمن يدفع أكثر.
فراغ عاطفي أصبح يدور في رحاه الكل. الجميع يريد أن يفتح قلبه للحب. ولكن أي نوع من الحب أصبحنا نريد. حب الأمس الذي يوفر الأمان والطمأنينة والاحتواء أم حب اليوم الذي يمنح لحظات عابرة مختصرة ومختزلة في كل ما هو مادي.
ولعل حالة العبوس التي أصبحت ترتسم على وجوهنا سببها فقداننا لمعنى الحب الحقيقي الخالي من أي مصلحة أو منفعة مادية ينتهي الحب بانتهائها. وأصبحت الابتسامة مفقودة لا تخرج منا إلا تكلفا عند الضرورة فقط.
قلوبنا أصبحت قاسية ولن تلين إلا بعودة تدفق الحب الصادق اتجاه أنفسنا وذواتنا الضائعة بين دروب الحياة. اتجاه المحيطين بنا دون ربطه بمصلحة ما. قلوبنا مازالت قادرة على الحب كل ما علينا فعله هو التخلص من النفاق والكذب والتصنع في علاقاتنا مع بعضنا البعض.