بعيدًا عن الشعارات البروتوكولية المعتادة، حمل الوفد المغربي إلى جنيف ملفًا حقيقيًا يحمل أرقامًا واتفاقات وشهادات واقعية عن تجربة بلد اختار أن يجعل من الحوار الاجتماعي مسارًا مؤسسيًا لا مجرد محطة ظرفية.
فخلال مشاركته في الدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي المنعقد بجنيف، قدّم المغرب، ممثلًا في وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، تصورًا متكاملًا حول كيف يمكن لتوافق اجتماعي ثلاثي الأبعاد – بين الحكومة، والنقابات، والباطرونا – أن يُحدث فرقًا ملموسًا في حياة الناس.
في قلب العرض، برزت اتفاقية 2022 كمرجعية محورية، حيث تم التذكير بإطلاق إصلاح شامل لمنظومة الأجور والتقاعد، ووضع لبنات إصلاح القانون التنظيمي للإضراب، فضلًا عن توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل ملايين المغاربة الذين كانوا خارج دائرة الاستفادة لعقود.
ما ميّز العرض المغربي لم يكن فقط مضمونه، بل أيضًا لغته الواقعية؛ إذ تحدث الوزير بلغة الأرقام والمسؤولية، مؤكدًا أن الحكومة وقعت على التزامات تبلغ قيمتها حوالي 10 مليارات دولار، ليست فقط وعودًا، بل برامج تم تنزيل أغلبها على الأرض.
الرسالة الضمنية التي حملها الخطاب المغربي في جنيف كانت واضحة: لا حوار اجتماعي دون استقرار مؤسساتي، ولا تنمية دون إنصاف اجتماعي. وهي رسالة لقيت صدى إيجابيًا في أوساط المشاركين الذين رأوا في التجربة المغربية نموذجًا قابلًا للتأمل وربما التكرار في سياقات إقليمية مماثلة.