في أعالي ورزازات، حيث يشتدّ الشتاء وتختبر الطبيعة صبر الإنسان، حلّت قوافل التضامن لتكسر عزلة البرد وتعيد بعض الدفء إلى البيوت الطينية المنتشرة بين الجبال. فقد شهدت جماعة أمرزكان، نهاية الأسبوع، انطلاق مرحلة جديدة من عملية وطنية واسعة لمواجهة آثار موجة البرد القارس، تقودها مؤسسة محمد الخامس للتضامن تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية.
من دوار تازولت نومرادو، بدأت العملية التي تستهدف آلاف الأسر القاطنة بعدد من جماعات الإقليم، في مشهد يعكس استمرار المقاربة الاجتماعية التي تضع الإنسان في صلب الاهتمام، خصوصاً في المناطق القروية والنائية. وقد شملت المرحلة الأولى توزيع مساعدات لفائدة مئات الأسر بجماعتي أمرزكان وغسات، على أن تتواصل العملية لتغطي دواوير أخرى تضررت من الانخفاض الحاد في درجات الحرارة والتقلبات الجوية.
المساعدات الموزعة لم تكن مجرد أرقام أو شحنات عابرة، بل مواد غذائية أساسية وأغطية شتوية، وصلت إلى المستفيدين عبر فرق ميدانية مدرَّبة، عملت في ظروف مناخية صعبة، ضمن تعبئة لوجستية وبشرية شاركت فيها أطر تابعة للمديرية العامة للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية، إلى جانب السلطات المحلية.
وبين ثنايا هذا التدخل الإنساني، عبّر عدد من سكان الدواوير المستفيدة عن امتنانهم للعناية الملكية المتواصلة، معتبرين أن هذه المبادرات ليست استجابة ظرفية فقط، بل امتداد لنهج تضامني يرافق ساكنة الجبال في أشد الفصول قسوة. كما نوهوا بسرعة التدخل والتنظيم المحكم الذي ميّز عملية التوزيع.
ولا تقتصر هذه المبادرة على إقليم ورزازات وحده، إذ تندرج ضمن برنامج وطني واسع النطاق، يهم عشرات الآلاف من الأسر عبر أقاليم مختلفة، تواجه ظروفاً مناخية استثنائية بفعل التساقطات الثلجية والأمطار الغزيرة. وهو برنامج يتم تنزيله بتنسيق وثيق مع وزارة الداخلية، بهدف الاستجابة السريعة للاحتياجات المستعجلة للفئات الأكثر هشاشة.
هكذا، وفي صمت الجبال وبرودة الشتاء، تتجسد قيم التضامن الوطني في مبادرات ميدانية، تؤكد أن مواجهة قساوة الطبيعة لا تكون فقط بالأغطية والمؤن، بل أيضاً بإرادة جماعية تجعل من التضامن خياراً ثابتاً، لا موسماً عابراً.
قوافل الدفء تشقّ جبال ورزازات: مبادرة تضامنية ملكية تواجه قساوة الشتاء

