تعيش الجالية المغربية بإسبانيا على وقع صدمة وغضب كبيرين عقب وفاة الشاب هيثم، الذي فارق الحياة إثر صعقة كهربائية قاتلة استُعملت ضده خلال تدخل أمني لا تزال تفاصيله محاطة بكثير من الغموض. الخبر نزل كالصاعقة على أفراد الجالية، خصوصاً بعدما تداولت شهادات تتحدث عن تدخل “عنيف ومفرط” للقوة، ما أجج مشاعر الغضب وجعل اسم هيثم يتحول إلى قضية رأي عام في أوساط المغاربة المقيمين بالخارج.
وعقب الإعلان عن الوفاة، خرج العشرات من أبناء الجالية المغربية في وقفة احتجاجية حاشدة، رافعين صور الضحية ومطالبين بتحقيق جدي وشفاف يكشف ملابسات ما وقع ويحدد المسؤوليات. المحتجون شددوا على أن استعمال الصعق الكهربائي في حق شاب أعزل يطرح أسئلة عميقة حول مهنية التدخل الأمني واحترامه للضوابط القانونية، كما اعتبروا أن غياب رواية رسمية مقنعة يزيد الشكوك ويعمّق الإحساس بالحيف داخل الجالية التي تواجه تحديات يومية في بلاد المهجر.
وعلى الرغم من تصريحات أولية للشرطة الإسبانية تفيد بأن الوفاة كانت نتيجة “تفاعل تقني أثناء محاولة التوقيف”، إلا أن هذه الرواية لم تُقنع لا عائلة الضحية ولا الجالية المغربية، خصوصاً مع تداول شهادات تتحدث عن استعمال مفرط للقوة وغياب أي تهديد حقيقي يبرر هذا الشكل من التدخل. وتطالب الجالية اليوم بالكشف عن أسباب اللجوء إلى الصعق الكهربائي وتوضيح ما إذا كان تم احترام البروتوكولات المعمول بها، في وقت تؤكد فيه الأسرة أن هيثم لم يكن يشكل خطراً يبرر هذا التصعيد.
وفي المغرب، تعالت أصوات حقوقية وسياسية تطالب وزارة الخارجية بمتابعة الملف رسمياً مع الجانب الإسباني وضمان حقوق أسرة الضحية، معتبرة أن حماية المغاربة بالخارج ليست مجرد موقف تضامني، بل مسؤولية دبلوماسية وقانونية يجب ممارستها بكل صرامة. ويرى مراقبون أن وفاة هيثم تكشف هشاشة وضع المهاجر المغربي في أوروبا وتعيد طرح سؤال المعاملة الأمنية للمهاجرين، وما إذا كانت تتم فعلاً وفق معايير احترام الحقوق والكرامة الإنسانية.
وبينما ينتظر الجميع نتائج التحقيق، يتشبث أفراد الجالية المغربية بإسبانيا بمطلب واحد: العدالة. العدالة لهيثم، وكشف الحقيقة كاملة، ومحاسبة كل من يثبت تورطه. فالمهاجرون، رغم بعدهم عن وطنهم، لا يزالون يعتبرون أن حياتهم وحقوقهم ليست أقل قيمة، وأن صمتهم أمام مثل هذه الوقائع ليس خياراً. وهكذا تستمر القضية في التفاعل، فيما يتحول اسم هيثم إلى رمز جديد للبحث عن الإنصاف ورفض أي شكل من أشكال التعسف، في انتظار أن تقول العدالة كلمتها.

