Site icon جريدة صفرو بريس

عندما تُسَيَّس الصلاة: منتخب الجزائر خارج المسجد في كأس إفريقيا بالمغرب


خلال منافسات كأس إفريقيا للأمم التي يحتضنها المغرب، التقطت عدسات المتابعين مشهدًا لافتًا أثار نقاشًا واسعًا في الأوساط الرياضية والإعلامية، بعدما حرصت أغلب المنتخبات المشاركة ذات الأغلبية المسلمة على التوجه إلى المساجد لأداء الصلاة، في مشهد عفوي يعكس البعد الروحي والهوية الدينية المشتركة داخل القارة الإفريقية.
غير أن منتخب الجزائر اختار، خلافًا لهذا التوجه العام، البقاء في الفندق وامتنع عن التوجه إلى المسجد، وهو تصرف اعتبره متابعون غير مفهوم، خاصة أن الأمر يتعلق بممارسة دينية فردية وجماعية، لا تمت بصلة للتنافس الرياضي أو للحسابات السياسية.
هذا الموقف أعاد إلى الواجهة الجدل القديم حول مدى تغلغل التعليمات السياسية في تفاصيل الحياة العامة، بما فيها الرياضة والعبادة. فالنظام الجزائري، المعروف بتوظيفه المستمر للرياضة في صراعاته السياسية، لا يميز – بحسب منتقديه – بين ما هو ديني وما هو رياضي وما هو سياسي، إذ يختزل كل السلوكيات في منطق العداء للمغرب، حتى وإن كان الثمن هو القطيعة مع مشترك ديني وإنساني جامع.
وليس خافيًا أن المغرب، خلال هذه التظاهرة القارية، قدّم نموذجًا مختلفًا، يقوم على حسن الاستقبال، واحترام الخصوصيات الدينية والثقافية لكل المنتخبات، دون تمييز أو توظيف، وهو ما جعل العديد من الوفود تعبر عن ارتياحها للأجواء التنظيمية والإنسانية التي تسود البطولة.
إن تسييس الصلاة، أو منع ممارستها في فضاء مفتوح وآمن، لا يخدم صورة الرياضة ولا يعكس نضجًا مؤسساتيًا، بقدر ما يكرس منطق الانغلاق والعداء المفتعل. فالدين، بالنسبة للمجتمعات المغاربية، ظل دائمًا عامل وحدة وتقارب، لا أداة صراع أو ورقة ضغط.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الشعوب المغاربية التعبير عن روابطها التاريخية والدينية العميقة، تظل بعض القرارات الرسمية حبيسة حسابات ضيقة، تُقحم السياسة في كل شيء، حتى في أبسط مظاهر العبادة، لتتحول الرياضة من جسر للتلاقي إلى ساحة لتصفية المواقف.

Exit mobile version