Site icon جريدة صفرو بريس

شهداء لقمة العيش في مناجم المغرب… جبل بوظهر رمز لمعاناة العمال

في حادث مأساوي جديد، سقط عامل آخر ضحية الإهمال وعدم احترام شروط السلامة المهنية في منجم بجبل بوظهر بإقليم فجيج، وهو المنجم المعروف محليًا باسم “جبل الشيطان”. الحادثة تؤكد مرة أخرى أن هذا الجبل أصبح رمزًا لمعاناة عمال المناجم، الذين يواجهون مخاطر يومية في ظل غياب الحماية القانونية والرقابة الفعلية.

حسب المعلومات الأولية، أدى انهيار جزء من المنجم وسقوط الأحجار إلى وفاة العامل على الفور، وهو مصير مشابه لما عانى منه عمال آخرون في نفس الموقع سابقًا، بعضهم لم يمت في عين الحادث، لكنه توفي لاحقًا نتيجة الإصابات الطويلة والمضاعفات الصحية. ما يجمع جميع هذه الحوادث هو غياب أي مساءلة أو حماية حقيقية للعمال، وامتناع أرباب المناجم عن تحمل مسؤولياتهم، في وقت تُغض فيه وكالة كاديطاف، المسؤولة عن قطاع التعدين، الطرف عن حقوق العمال وسلامتهم.

هذه المأساة ليست مجرد حادث عابر، بل نتاج تراكم سنوات من الإهمال والاستغلال. العمال يعيشون في ظروف صحية غير مناسبة، بلا قوانين أو حماية، ويُحرمون من أبسط حقوقهم أثناء حياتهم، قبل أن تُحرم عائلاتهم من التعويض أو الدعم بعد الوفاة. جبل بوظهر ليس مجرد منجم؛ إنه رمز لمأساة اجتماعية واقتصادية يواجه فيها العمال خطر الموت مقابل لقمة العيش، بينما يواصل أصحاب المناجم تراكم الثروات على حساب دماء العاملين.

الحادث يطرح أسئلة جوهرية حول المسؤولية المؤسسية للدولة، وضرورة إعادة النظر في سياسات الرقابة على المناجم وتطبيق قوانين السلامة المهنية بصرامة، بما يضمن حماية حياة العمال وكرامتهم. كما يسلط الضوء على ضرورة إنصاف الشهداء وعائلاتهم، وإقرار تعويضات عادلة، كخطوة أولى نحو وضع حد لمعاناة العاملين في هذه المهن الصعبة والخطرة.

في النهاية، حادثة جبل بوظهر اليوم تذكّر بأن حق العمال في السلامة والأمان ليس رفاهية، بل ضرورة إنسانية وقانونية، وأن استمرار الإهمال سيجعل المزيد من الجبال في المغرب تتحول إلى رموز الموت، بدل أن تكون مسارات للعمل الكريم وللقمة العيش الشريف.

Exit mobile version