المغرب

حين يصبح النقد جريمة في عرف الوزير احمد التوفيق

يبدو ان وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية احمد التوفيق لم يعد يرى في النقد رأيا مخالفا بل جريمة تستحق الوصف ب «المجرمين». هذا ما صرح به داخل حين وصف من يعارضون توحيد خطبة الجمعة وخطة «تسديد التبليغ» بالمجرمين لانهم حسب قوله يمسون المجلس العلمي الاعلى الذي «يمثل امامة الامة».

لكن منذ متى صار الاختلاف مع قرار اداري او مع رؤية فقهية رسمية جريمة؟

الوزير لم يدرك ان استعمال لغة التخوين والتجريم في مواجهة الرأي المخالف يقوض الثقة في المؤسسة التي يفترض ان تجسد خلق الحوار والاعتدال والرحمة. فكيف يدافع بخطاب لا يعترف بعقل الامة؟

ثم ان الحديث عن «توحيد الخطبة» بدعوى حماية العقيدة ووحدة الكلمة يثير سؤالا جوهريا: هل الايمان الحقيقي يتقوى بتكرار نص واحد في كل منبر؟ ام بتعدد الاصوات الصادقة التي تخاطب الناس بخصوصياتهم الاجتماعية والثقافية؟ ان الوعظ حين يتحول الى نشرات رسمية متطابقة يفقد روحه الحية ويصير اداء ميكانيكيا لا اثر له في القلوب.

الوزير يتحدث وكأن الخطباء مجرد ادوات تنفيذ لا علماء ولا مصلحين، في حين ان تاريخ المغرب الديني حافل بخطباء وائمة كانوا منارات فكرية وروحية يعبرون عن هموم الناس ويجددون الخطاب الديني بما ينسجم مع مقاصد الشريعة وروح العصر.

ان من يصف النقاد بالمجرمين يعلن عمليا ان حرية الرأي في المجال الديني باتت محرمة. ومن يربط بين انتقاد خطة ادارية وبين المساس بـ«امامة الامة» يجب ان يعيد النظر في رأيه.

الوزير نسي ان وظيفة العلماء ليست فقط ان يوحدوا الخطب بل ان ينوروا العقول وان يفتحوا نوافذ التفكير لا ان يغلقوها. الدين ليس نشرة اوامر بل رسالة وعي وحكمة ورحمة.

لقد آن الاوان لان يدرك المسؤولون ان احترام الدين لا يعني تكميم الافواه و لا يعني مصادرة حق الناس في السؤال. فـموقع وزير الاوقاف لا يسمح بالتجريم بل بالقدوة وبالاستماع وبالثقة في عقول المواطنين.

في النهاية من يجرم النقد لا يحمي الدين بل يضعفه، لان الايمان الذي لا يتحمل النقاش هش، والخطاب الذي لا يقبل النقد ناقص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى