تعيش المنظومة الصحية بمدينة أكادير على وقع أزمة غير مسبوقة، عقب تصريحات مثيرة للطبيب أحمد الفارسي، العامل بمستشفى الحسن الثاني، وجّه من خلالها إنذارا مباشرا إلى وزير الصحة أمين التهراوي، مهددا بكشف ما سماه “حقائق صادمة” خلال 72 ساعة، إذا لم يتم إنصاف الأطر الصحية التي شملتها قرارات التوقيف الأخيرة.
الطبيب الفارسي، المعروف بانتقاداته الحادة لما يصفه بـ“الفساد الإداري والاستهتار بأرواح المرضى”، نشر عبر حسابه على إنستغرام رسالة مفتوحة إلى الوزير، دعا فيها إلى رفع الظلم عن زملائه الموقوفين، مشيرا إلى أنه يتوفر على معطيات خطيرة توثق لـ“تلاعبات ممنهجة وخروقات داخل المستشفى الجهوي”.
وتفجّر الجدل بعد إعلان وزارة الصحة والحماية الاجتماعية نتائج التحقيق الذي أجرته في مستشفى الحسن الثاني بأكادير، على خلفية سلسلة من الوفيات الغامضة التي أثارت قلق الساكنة، ودفع بعضهم إلى وصف المستشفى بـ“مستشفى الموت”. وقد أنهت اللجنة المركزية تقريرها وأحالته إلى النيابة العامة، فيما تم توقيف عدد من الممرضين والإداريين مؤقتا إلى حين انتهاء التحقيقات.
القرار فجّر غضب النقابات المهنية، وعلى رأسها النقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة، التي اتهمت الوزارة بأنها “اختارت التضحية بالعاملين في الصفوف الأمامية بدل محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن تدهور الخدمات”، معتبرة أن ما يحدث “محاولة للهروب إلى الأمام وتبرئة الذمة”.
تصريحات الطبيب الفارسي أعادت إلى الواجهة النقاش حول حدود حرية التعبير داخل القطاع الصحي، ومدى مشروعية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد قرارات إدارية أو وزارية. ويرى متتبعون أن خروجه العلني يعكس احتقانا متزايدا داخل المستشفيات العمومية، ويكشف أزمة ثقة عميقة بين الأطر الصحية والوزارة، في وقت ترتفع فيه مطالب الإصلاح وإنقاذ المنظومة الصحية من التدهور.
في المقابل، تؤكد مصادر متطابقة أن النيابة العامة تتابع الملف عن قرب بعد توصلها بتقرير المفتشية العامة، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات من تحديد للمسؤوليات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
ومع اقتراب انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي حددها الطبيب الفارسي، تترقب الأوساط الصحية والرأي العام ما إذا كانت وزارة الصحة ستتحرك لاحتواء الأزمة، أم أن الاحتجاج سيتصاعد داخل أروقة مستشفى الحسن الثاني ليتحول إلى مواجهة مفتوحة بين الأطر الصحية والإدارة المركزية.