تصريحات وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت حول ضرورة تقنين الشيشة تثير اكثر من سؤال. الحديث عن مقاربة تشاركية وتنسيق بين القطاعات يبدو طموحيا، لكنه يفتقد الى خطة واضحة ومحددة. كيف يمكن تحقيق توازن بين الصحة العامة، واستمرارية النشاط الاقتصادي، دون توضيح الاجراءات العملية؟
الوزير يشدد على مواجهة التجاوزات المرتبطة باستخدام الشيشة، مثل المخدرات والدعارة، لكنه لا يقدم اي تفاصيل عن آليات الرقابة او العقوبات، مما يترك الباب مفتوحا للفوضى والتطبيق الانتقائي للقانون.
اما الادعاء بان القرار التنظيمي لجماعة مراكش يهدد آلاف الوظائف، فهو تحريك عاطفي اكثر من كونه حجة واقعية. هل هناك دراسة دقيقة تبين تأثير منع الشيشة في الاماكن العامة على الاقتصاد والسياحة؟ بدون ارقام واحصائيات، تصبح هذه الحجج ضعيفة، ولا تكفي لتبرير تقنين نشاط مرتبط بمخاطر صحية معروفة.
من جهة اخرى، مقارنة المغرب بالدول العربية والاسلامية التي طبقت سياسات تقنين مدروسة، تعرض بطريقة سطحية. كل بلد يختلف في ظروفه الاجتماعية والقانونية، ولا يمكن نقل السياسات مباشرة دون تحليل معمق للسياق المحلي.
في النهاية، يبدو ان الحديث عن تقنين الشيشة اقرب الى محاولة التوفيق بين مصالح اقتصادية قصيرة المدى، ومتطلبات الصحة العامة، دون تقديم استراتيجية واضحة او جدول زمني محدد. الجمهور يحتاج الى رؤية واقعية، وخطوات ملموسة، لا مجرد تصريحات عامة عن التنسيق والمقاربة التشاركية.

