في أعقاب التصعيد العسكري الأخير بين إيران و”إسرائيل”، صدرت خلال الساعات الماضية سلسلة من تحذيرات السفر الدولية شملت عدة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما أثار مخاوف جدية بشأن استقرار حركة الملاحة الجوية وتدفق الرحلات التجارية في المجال الجوي الإقليمي.
أصدرت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تحذيرات رسمية لمواطنيها، تنصحهم بتجنب السفر غير الضروري إلى دول مثل إيران، لبنان، سوريا، العراق، “إسرائيل”، الأراضي الفلسطينية، وأجزاء من الخليج العربي. كما وسعت وزارة الخارجية البريطانية (FCDO) دائرة التحذير لتشمل بعض الدول في شمال إفريقيا، مثل مصر وتونس، تحسبًا لأي امتداد جغرافي محتمل للصراع.
مع تزايد احتمال توسع رقعة المواجهة، شهدت الساعات الأخيرة تحولات حذرة في حركة الملاحة الجوية، إذ قررت شركات طيران كبرى، من بينها لوفتهانزا الألمانية وKLM الهولندية، تعليق الرحلات فوق المجال الجوي الإيراني والعراقي مؤقتًا، وتحويل مسارات بعض الرحلات العابرة للمنطقة. كما أعادت الخطوط الجوية القطرية والإماراتية هيكلة بعض رحلاتها باتجاه أوروبا تفاديًا للمرور بالمجال الجوي الذي بات يُصنّف كمنطقة نزاع. وسُجلت تأخيرات ملحوظة في بعض المطارات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب إعادة جدولة المسارات أو التأهب الأمني داخل المطارات.
مع ارتفاع المخاطر التشغيلية والتأمينية، تواجه شركات الطيران تحديات متزايدة، من بينها ارتفاع تكاليف الوقود بسبب تغيير المسارات، وتأخير الرحلات الدولية العابرة بين آسيا وأوروبا، واحتمال إلغاء بعض الخطوط مؤقتًا، خاصة تلك التي تمر عبر المجال الجوي للخليج أو العراق أو الساحل المصري شمال البحر الأحمر.
هذا التوتر يلقي بظلاله أيضًا على قطاعات السياحة والتجارة الجوية، التي كانت قد بدأت في التعافي من آثار جائحة كورونا. وجهات مثل دبي، عمّان، بيروت، القاهرة باتت عرضة لتراجع في عدد الزوار، إما بسبب الخوف أو لاعتبارات تأمينية ترفع من كلفة السفر.
التحذيرات المتسارعة من السفر تعكس واقعًا أمنيًا هشًا في منطقة تتقاطع فيها خطوط الطيران الدولية. وبينما يراقب العالم تطورات النزاع الإيراني–”الإسرائيلي”، تستعد شركات الطيران العالمية لأسابيع معقدة، تعيد فيها رسم الخرائط الجوية وتعيد التفكير في خطوط كانت بالأمس من أكثر الممرات ازدحامًا على مستوى العالم.