Site icon جريدة صفرو بريس

بويبلان: بمناسبة اليوم العالمي للجبل… عبد الحق گربوب يكتب و انت تتجول في المرتفعات ستنبهر بتنوع و إختلاف الظواهر الطبيعية

صفرو بريس ✍️لحسن سيبوس

” بمناسبة اليوم العالمي للجبل اختارت الامم المتحدة موضوع احتفالية هذا العام ” السياحة الجبلية المستدامة” بحيث يمكن لها أن تساهم في بدائل و خيارات لكسب العيش و التخفيف من حدة الفقر و تعزيز التماسك الاجتماعي فضلا عن صون المناظر الطبيعية و التنوع البيولوجي و الموروث الجيولوجي.
حيث تعتبر السياحة الجبلية الأداة الفعالة للحفاظ على الأنشطة الحرفية المحلية و تثمين المنتجات الطبيعية عبر عقد تظاهرات و مهرجانات محلية تكون هي محور الخدمات السياحية.
ينظر الى الجبال على انها احد المواطن التي يستقر بها الانسان و كذلك ملاذا ٱمنا للحيوانات و الكائنات الحية و موردا هاما للمياه إن لم نقل بأنها خزانات المياه في العالم.
وباعتباري احد ابناء المنطقة الجبلية فإني سأخص بالذكر في هذا المقال جبل بويبلان الشامخ و الذي يتبع جزءا كبيرا منه لإقليم تازة البهية.
جدير بالإشارة قبل التطرق لموضوع السياحة ان نضع إطارا جغرافيا و طبيعيا لمنطقة بويبلان و لأهاليه، بحيث يقع الجبل في شمال الاطلس المتوسط الشرقي اذ تنبسط تضاريسه على اربع اقاليم إدارية و هي تازة شمالا و صفرو غربا و بولمان جنوبا و جرسيف شرقا، أما سكان المنطقة فهم قبائل ايت وراين حيث تمتد إلى غاية حدود هوارة بجرسيف شرقا و قبيلة ايت سغروشن إلى الجنوب الغربي و شمالا بقبيلة غياثة قرب مدينة تازة و غربا بقبائل الحياينة و آيت سادن.
تتألف جلاميد جبل بويبلان من تلال و هضاب مكسوة بعضها بالغطاء النباتي المتنوع و بعضها شبه عار عارضة في سطوحها صخورا رسوبية جيرية البنية، فمرتفعاته شاسعة متميزا بشكله الذي تغطيه غابات الأرز المعروف بعلوه و شجر البلوط الكثيف أحيانا و انواع من الاغراس الأخرى المتأقلمة مع مناخ المكان، و كذلك تنوع نباتاته المعشوشبة و الشوكية و المشبكة و الملتوية بكل الزخارف و الالوان و أجود روائح الاعشاب التي تنسم بعبقها أرجاء المرتفعات خصوصا نبتة اكليل الجبل” زعتر “.
هذا التوزيع النباتي خاضع لموضع التضاريس و لشكل المناخات الايحيائية التي تسود بالمنطقة إذ تارة تكون رطبة أو شبه رطبة و تارة شبه جافة مع دنو درجة الحرارة إلى أقل من الصفر شتاء.
هذا التطور الجيولوجي الكبير الذي حدث لسطح المنطقة عبر آلاف الاعوام و التنوع البيولوجي الذي نتج عنه بزغت من خلاله عظمة الارض بهيبتها و أعطت للمنطقة جمالها المبهر.
و انت تتجول في المرتفعات ستنبهر بتنوع و إختلاف الظواهر الطبيعية من أخاديد و وديان مائية و شعاب و تيجان جيولوجية شبيهة بفواهات بركانية كتلك المتواجدة فوق ” اش لمعلم” قبالة جبل موسى و صالح، و مضايق بين أجراف صخرية إنكسارية عالية كتلك المتواجدة قرب دوار “بيزي” دون ان ننسى المغارات و الكهوف الناتجة معظمها عن تفاعل مياه الامطار بطبيعة الأرض الكلسية مشكلة بذلك تجاويف مبهرة كخزانات للمياه الذائبة من الثلوج، هذه الخزانات يعتبرها الجيولوجيون فرشات مائية تندفع منها عيون و مجاري بصبيب عالي و بعذوبة مثالية ترافقها برودة تزداد حدتها صيفا أكثر منها شتاءا، إن ما يزيد من قوة هذه العيون التي تنبع في السطح هو أنها لا تنقطع ليلا و لا نهارا كما لا تنقطع صيفا و لا شتاءا و نذكر على سبيل المثال لا الحصر ” عين اللاز” و ” امان املالن” و ” عين زورز” و تاركة نايت رحمون” و “منبع الواد البارد” و “عين روكو” و المنابع الاخرى ….
و بالرجوع الى موضوع السياحة الجبلية المستدامة فلابد الى التطرق الى عنصر محوري الذي هو الإنسان البويبلاني الورايني المتشبع بثقافته الجبلية المحلية المندمج مع طبيعة التضاريس و المتأقلم مع المناخ المتقلب، فكما جميع الانظمة القبلية تتوزع أهالي قبيلة بني وراين بين السفح و الهضاب و الجبل على شكل دواوير و مداشر سكانية إما متقاربة او متباعدة مبنية على أساس التقارب العائلي و شبكة الاجداد المتفرعة على شكل افخاد و جذوع مشكلة بذلك قبائل تحت لواء القبيلة الام بني وراين الكبيرة، و نذكر على سبيل المثال لا الحصر “بني زهنة” و ” ايت الثلت” و ” اولاد الفرح” و ” ايت بوسلامة” و ” ازرودن” و ” ايت بنعلي” و” احمادن”و ” اعجعوجن” و اللائحة طويلة……، توحدها الثقافة الأمازيغية و تؤطرها الأعراف الإجتماعية الذي يغلب عليها طابع التماسك الإجتماعي، إذ أن العائلة في المجتمع القبلي الورايني تجسد النواة الأساسية في كل تشكل ديموغرافي، لذلك فالملاحظ للتكوين المورفولوجي لقبائل ايت وراين يجد صرحا إجتماعيا يتمثل في وجود أكثر من أسرتين في منزل واحد يسهر كبير العائلة على تدبير أمورهم إلى جانب زوجته أو زوجاته في بعض الحالات.
و بالتالي فإن الحياة إلاجتماعية بدون عائلة لا طعم لها في المجتمع الورايني إلى درجة أن الشاب يصبح معزولا إن لم ينخرط في مؤسسة الزواج.
إن العائلة إذن هي العنصر الأساسي و الحيوي للحياة الإجتماعية في المجتمع القبلي الورايني وهي السبيل إلى حركيته و ديناميته، و من خلاله فإن أي نشاط سياحي يجب أن يشرك المكونات الإجتماعية للوصول إلى إقتصاد إجتماعي تضامني أساسه الخدمات السياحية بألوان مختلفة و بفلكلور متنوع تنافس بها منطقة بويبلان المناطق السياحية الأخرى و تجعل الزائر يرغب في معاودة زيارته للمواسم الموالية آملا في أن يجد محفزات أخرى تبعث على الراحة و الإطمئنان النفسي و الروحي للسائح.

Exit mobile version