Site icon جريدة صفرو بريس

بعد عجز إسرائيل… أمريكا تضرب المنشآت النووية وطهران تلوّح بإغلاق مضيق هرمز

في تطور غير مسبوق، دخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر على خط المواجهة مع إيران، بعدما شنت ضربات جوية استهدفت منشآت نووية حساسة في نطنز، أصفهان وفوردو. العملية العسكرية، التي نُفذت بدقة عالية، جاءت بعد سنوات من التصعيد الإسرائيلي غير المثمر ضد المشروع النووي الإيراني، في وقت باتت فيه تل أبيب عاجزة عن فرض معادلتها في المنطقة، سواء عبر العمليات السرية أو الضربات المحدودة.

الضربات الجوية التي نفذتها واشنطن أعادت خلط الأوراق في الشرق الأوسط، ونقلت المواجهة مع طهران من مرحلة الظل إلى ساحة الصدام المفتوح. فإسرائيل التي لطالما هدّدت وتعهدت بمنع إيران من امتلاك القدرة النووية، وجدت نفسها غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، لتُسلم المشعل إلى الولايات المتحدة، التي تملك من القدرات العسكرية والغطاء السياسي ما يكفي لتوجيه رسائل واضحة ومباشرة إلى النظام الإيراني.

غير أن طهران، التي بدت في الوهلة الأولى مصدومة من حجم الهجوم ونوعيته، اختارت أن ترد بطريقتها الخاصة. فإلى جانب تصريحات رسمية حاولت التقليل من أثر الضربات الأمريكية، بالتأكيد أن مخزون اليورانيوم لم يتضرر وأن العمل في المنشآت النووية استُؤنف، جاء الرد الحقيقي في البحر، حيث لوّحت القيادة الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، في خطوة تصعيدية تحمل أبعادًا خطيرة.

التلويح بإغلاق المضيق لا يعني فقط تعطيل مسار النفط، بل هو تهديد مباشر لأمن الطاقة العالمي، ورفع فوري في أسعار النفط، وزيادة منسوب التوتر في واحدة من أكثر المناطق حساسية على وجه الأرض. بعبارة أوضح، إيران اختارت أن تُشهر سلاح الاقتصاد في وجه واشنطن، بعدما أُجبرت على التراجع في معركة المواقع النووية.

دخول أمريكا على الخط بهذا الشكل، يؤكد أن الملف الإيراني لم يعد شأناً إسرائيلياً فحسب. فالضربات الأخيرة لم تُنسق مع تل أبيب، بل نُفذت من خلال قدرات عسكرية أمريكية بحتة، ما يطرح أسئلة عن موقع إسرائيل في هذه المعادلة الجديدة، وإن كانت قد أقصيت عن إدارة المعركة أم أنها انسحبت تحت ضغط الفشل والارتباك الداخلي.

اليوم، يبدو المشهد الإقليمي مفتوحاً على كل الاحتمالات. فواشنطن ضربت، وطهران ترد عبر بوابة هرمز، وإسرائيل تترقب بصمت. أما الأسواق العالمية، فبدأت تتحسس التداعيات الاقتصادية، بينما يترقب المجتمع الدولي حجم التصعيد المقبل، في ظل تحذيرات من اندلاع مواجهة شاملة، قد تمتد من مياه الخليج إلى ما وراء المتوسط.

المؤكد أن ما قبل الضربات ليس كما بعدها. والشرق الأوسط، مرة أخرى، يتحول إلى مسرح لتصفية الحسابات الكبرى بين القوى العالمية، بينما الشعوب تدفع الثمن. الحرب لم تُعلن بعد، لكن أولى رصاصاتها قد أُطلقت من فوق منشآت نووية، وردّت عليها طهران بالتهديد بإغلاق البوابة البحرية الأهم في العالم.

Exit mobile version