تستعد المملكة المغربية لاحتضان مؤتمر دولي غير مسبوق مخصص للضحايا الافارقة للارهاب، في خطوة تعكس تحولا مهما في طريقة مقاربة هذه الظاهرة داخل القارة. فالارهاب، الذي عادة ما تتم مناقشته من زاوية امنية بحتة، يجد في هذا اللقاء مساحة انسانية تضع الضحايا في قلب النقاش، بما يفتح الباب امام مقاربة اكثر شمولا وعمقا.
المؤتمر، الذي تنظمه وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بدعم من مكتب الامم المتحدة لمكافحة الارهاب، يهدف الى تسليط الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه الافارقة نتيجة تصاعد الحركات المتطرفة في مناطق عدة من القارة، من الساحل والصحراء الى القرن الافريقي. وهذه المبادرة تاتي لتعيد الاعتبار لفئة غالبا ما يتم تجاهل صوتها في النقاشات الاستراتيجية المتعلقة بمحاربة الارهاب.
اللقاء يركز على ثلاثة مسارات اساسية: ابراز الانعكاسات الانسانية للارهاب، تقوية اليات الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للضحايا، وتعزيز صمود المجتمعات المتضررة. وفي هذا الاطار، يسعى المغرب الى الدفع نحو رؤية افريقية مشتركة تجعل من حماية المدنيين نقطة الانطلاق في اي سياسة امنية او تنموية.
كما ان تنظيم هذا المؤتمر على ارض المغرب يحمل دلالات سياسية واضحة، اذ يعزز موقع المملكة كفاعل اقليمي يوازن بين المقاربة الامنية والتنموية والانسانية، ويضع تجربته في مجال مكافحة التطرف رهن اشارة دول القارة. ويعكس ايضا وعيا متزايدا لدى الاتحاد الافريقي وشركائه الدوليين بان مكافحة الارهاب تتطلب اكثر من الحلول العسكرية، وتحتاج الى بناء شبكات دعم فعالة للضحايا، باعتبارهم الحلقة الاضعف والاكثر تاثرا.
بهذه المبادرة، يسجل المغرب سابقة على المستوى القاري، ويمنح الضحايا الافارقة مساحة لرفع صوتهم وتعزيز حضورهم في صياغة السياسات الخاصة بمحاربة التطرف العنيف. وهي خطوة مرشحة لفتح افق جديد في التفكير في مسارات مكافحة الارهاب في افريقيا، اساسه الانسان قبل الرهان العسكري.

