Site icon جريدة صفرو بريس

المغرب يجدد ثباته في دعم القضية الفلسطينية في رسالة ملكية موجهة إلى الأمم المتحدة

في خطوة دبلوماسية جديدة تؤكد ثبات الموقف المغربي تجاه القضية الفلسطينية، وجّه الملك محمد السادس رسالة رسمية إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، كولي سيك، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الموافق لـ25 نونبر. وقد جاءت هذه الرسالة لتعكس بوضوح التزام المغرب التاريخي والراسخ بالدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ودعم كل المبادرات الدولية الرامية إلى إرساء سلام عادل يعيد الأمن والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، مع الإشادة بالدور الذي تقوم به اللجنة الأممية في التعريف بعدالة القضية الفلسطينية وحماية حقوق أهلها.

وتوقفت الرسالة الملكية عند حجم المعاناة الإنسانية غير المسبوقة التي عاشها الفلسطينيون خلال العامين الماضيين، خاصة في قطاع غزة، حيث خلفت الحرب أوضاعاً كارثية طالت البشر والحجر، وأدت إلى قتل وتشريد وتجويع عشرات الآلاف. وفي هذا الإطار، ذكّر الملك بأن المغرب لم يتوانَ عن مد يد العون، حيث نفذ خمس عمليات إنسانية كبرى منذ أكتوبر 2023، آخرها جسر جوي نقل قرابة 300 طن من المساعدات عبر خط بري غير مسبوق، في تعبير واضح عن التضامن العملي والفعّال مع الشعب الفلسطيني.

وبعد مرور عامين على الحرب، اعتبر الملك أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يشكل فرصة ثمينة لإنهاء المعاناة الإنسانية وبدء عملية إعادة الإعمار، مثمناً الجهود الدبلوماسية التي أفضت إلى هذا التطور، ومرحباً بالدور الحاسم للرئيس الأميركي دونالد ترامب والجهود التي بذلتها الأطراف الوسيطة للوصول إلى هذا الاتفاق في سياق بالغ التعقيد.

وقد تضمنت الرسالة رؤية مغربية واضحة لمرتكزات أي حل سياسي مستدام، تقوم أساساً على توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية، وتقوية هذه السلطة ودعم مؤسساتها، ورفع القيود الاقتصادية والمالية المفروضة على الفلسطينيين، وتشجيع المصالحة الوطنية تحت رعاية منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى إطلاق مفاوضات جدية وفق سقف زمني محدد تقود إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ولم تغفل الرسالة الجانب المتعلق بالقدس، باعتبارها جوهر الصراع ورمزاً مركزياً في الوجدان الديني والإنساني، إذ شدد الملك، بصفته رئيس لجنة القدس، على أن أي حل لا يمكن أن يكون متكاملاً دون معالجة حقيقية لوضع المدينة المقدسة. كما حذر من تنامي الاستفزازات الإسرائيلية داخل القدس، خصوصاً الانتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى، لما تحمله من مخاطر جدية قد تؤدي إلى إشعال فتيل صراع ديني بالغ الخطورة. وفي السياق نفسه، نبّه الملك إلى خطورة ما يجري في الضفة الغربية من توسع استيطاني واعتداءات يومية تستهدف الفلسطينيين وممتلكاتهم، معتبراً أن هذه السياسات تقوّض بشكل مباشر إمكان تحقيق حل الدولتين.

وأشارت الرسالة كذلك إلى الدينامية الدولية المتجددة الداعمة لإقامة الدولة الفلسطينية، والتي تجلت في سلسلة من الاعترافات الدولية المتتالية خلال الأشهر الأخيرة. وتم في هذا السياق التذكير باحتضان المغرب للاجتماع الخامس للتحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين في ماي 2025، بشراكة مع مملكة الأراضي المنخفضة، وهي خطوة تعكس انخراط المغرب في دعم كل المساعي الجادة الهادفة إلى بلورة حل واقعي وعادل للنزاع.

واختتم الملك رسالته بدعوة صريحة لمزيد من التعبئة الدولية والعمل الجماعي الجاد لإعادة إطلاق مسار السلام على أسس واضحة وأهداف قابلة للتحقيق، مؤكداً استعداد المغرب الدائم للمساهمة في الجهود الرامية إلى إقرار سلام عادل ودائم ينصف الشعب الفلسطيني ويحفظ استقرار المنطقة.

Exit mobile version