مع الانخفاض الكبير في درجات الحرارة خلال الايام الاخيرة، عادت معاناة الاشخاص بدون مأوى الى الواجهة، بعد ان سجلت عدة مدن مغربية موجات برد قاسية تهدد حياة هذه الفئة الهشة التي تقضي لياليها في العراء. وتعد مدينتا فاس وصفرو من بين المدن التي شهدت تدخلات ميدانية عاجلة هدفها حماية المشردين من المخاطر الصحية التي قد تنتج عن موجات الصقيع.
ففي مدينة فاس، اطلقت السلطات المحلية حملة انسانية واسعة خلال الليل، جرى خلالها البحث عن الاشخاص الذين ينامون في الشوارع والاماكن المهجورة، ليتم نقلهم الى مراكز مجهزة بوسائل التدفئة والاسرة والاغطية، مع توفير وجبات ساخنة ورعاية طبية اولية للحالات التي تحتاج الى ذلك. وقد لقيت هذه المبادرة ترحيبا كبيرا من السكان الذين رأوا فيها خطوة ضرورية لحماية ارواح معرضة للخطر.
وفي الوقت نفسه، شهدت مدينة صفرو عملية مماثلة تم خلالها جمع الاشخاص بدون مأوى ونقلهم الى فضاءات آمنة تتيح لهم قضاء ليلة دافئة بعيدا عن موجة البرد الشديد. وهي مبادرة تعكس وعيا متزايدا لدى السلطات المحلية بضرورة التحرك الاستباقي في مواجهة الظروف المناخية الصعبة.
وتبرز هذه التحركات دور المقاربة الانسانية في تدبير ملف المشردين، اذ تؤكد ان حماية حياة المواطنين في وضعية هشاشة لا ينبغي ان تكون موسمية او ظرفية، بل جزءا من رؤية اجتماعية واسعة تتجاوز مجرد التدخلات العاجلة. فظاهرة التشرد ترتبط بجملة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، ما يجعل معالجتها مسؤولية مشتركة بين مؤسسات الدولة وهيئات المجتمع المدني.
ورغم محدودية الموارد، اظهرت الحملات التي شهدتها فاس وصفرو ان التدخل السريع والمنظم قادر على تقليل المخاطر وانقاذ ارواح قد تواجه مصيرا مأساويا بسبب البرد. كما تعطي هذه العمليات اشارة واضحة الى اهمية تعزيز العمل الاجتماعي وتقويته، حتى يصبح التعامل مع الفئات الهشة قائما على حلول مندمجة توفر الكرامة والامان.
ويبقى الرهان الحقيقي مستقبلا هو الانتقال من التدخلات الظرفية اثناء موجات البرد الى وضع برامج دائمة تهدف الى ادماج هذه الفئة في المجتمع، وتوفير فضاءات ايواء مستدامة تضمن لها شروط حياة افضل وتحميها من قسوة الشارع وتقلبات المناخ.

