Site icon جريدة صفرو بريس

الحروب بيئة خصبة لانتشار الأوبئة: السودان نموذج صارخ

تظهر التجارب الميدانية في مناطق النزاع، أن الحروب ليست مجرد صراع مسلح بين أطراف متنازعة، بل هي كارثة إنسانية وصحية شاملة. فمع اشتداد المعارك وتدمير البنية التحتية، تتراجع قدرة الأنظمة الصحية على أداء دورها، ما يفتح الباب أمام انتشار الأوبئة بشكل متسارع، كما هو الحال اليوم في السودان الذي يواجه موجة غير مسبوقة من وباء الكوليرا.

في أجواء الحرب، تصبح المستشفيات هدفا أو ضحية للدمار، ما يؤدي إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ويجبر المرضى على التكدس في مرافق صحية محدودة الإمكانيات. كما يتوقف تشغيل محطات معالجة المياه وشبكات الصرف الصحي، فتختلط المياه الملوثة بمصادر الشرب، ما يخلق بيئة مثالية لانتقال الأمراض المعدية مثل الكوليرا، الملاريا، وحمى الضنك.

إضافة إلى ذلك، فإن النزوح الجماعي نتيجة القتال يفرض ظروفا معيشية بالغة القسوة في المخيمات، حيث الاكتظاظ، ونقص المياه النظيفة، وسوء التغذية، كلها عوامل تضاعف من مخاطر التفشي السريع للأمراض. ومع غياب فرق الاستجابة الطبية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية بسبب المعارك، تتحول الأزمات الصحية إلى كوارث حقيقية تحصد أرواح المئات وربما الآلاف.

الحرب لا تقتل فقط بالرصاص والقنابل، بل تفتح جبهة أخرى صامتة لكنها مميتة، جبهة الأمراض التي تنتشر بلا رادع في بيئة من الفوضى وانهيار الخدمات. إن الوضع الراهن في السودان يذكر المجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الطبية، ووقف النزاعات التي تجعل من كل وباء أزمة مضاعفة.

Exit mobile version