استغلال المهاجرين في ضيعات فلاحية على طريق الرشيدية ببُوذنيب

في مشهد يُعيد إلى الأذهان صور الاستغلال البشع للإنسان، برزت مؤخرًا على طول الطريق الرابط بين الرشيدية وبوذنيب ظاهرة مثيرة للقلق: تشغيل مهاجرين أفارقة في الضيعات الفلاحية المنتشرة بالمنطقة، مقابل أجور زهيدة، وفي ظروف عمل لا تراعي أدنى حقوق الإنسان.
وتحوّلت هذه المنطقة، الممتدة في حزام صحراوي قاسٍ، إلى مسرح يومي لمعاناة مهاجرين غير نظاميين، أجبرتهم ظروف الفقر، والتهميش، والهرب من النزاعات أو المجاعة في بلدانهم الأصلية، على القبول بوظائف منهكة، في مقابل دراهم معدودة بالكاد تكفيهم للبقاء على قيد الحياة.
وبحسب ما وثقته وسائل إعلام محلية، فإن هؤلاء العمال يُنقلون على متن شاحنات عارية من أدنى شروط السلامة، ويُزج بهم في الحقول للعمل لساعات طويلة تحت لهيب الشمس، دون تغطية اجتماعية، أو أوراق قانونية، أو حتى ضمان لحقهم في الأجر المستحق. ويتحاشى المشغّلون أي علاقة رسمية، متذرعين بصعوبات ضبط اليد العاملة المحلية، و”الطلب الموسمي” على خدمات الفلاحة.
المثير في القضية أن هذه الممارسات تتم في غفلة السلطات المعنية، ما يُثير تساؤلات مشروعة حول حدود المسؤولية الإدارية، ومدى تطبيق القوانين المرتبطة بالشغل، والهجرة، والكرامة الإنسانية.
وفي ظل غياب تقنين قانوني صارم، تتحول الضيعات إلى “منطقة رمادية” يتقاطع فيها التهميش الاقتصادي مع هشاشة المهاجرين، في واقع يفرز استغلالًا ممنهجًا للفئة الأكثر ضعفًا في المجتمع، ويقوض في الوقت ذاته صورة المغرب كبلدٍ حريص على مبادئ حقوق الإنسان والتضامن الإفريقي.
ويرى فاعلون حقوقيون أن السكوت عن هذه الانتهاكات قد يفتح الباب أمام ممارسات أكثر خطورة، مطالبين الحكومة والمجالس الجهوية بالتدخل العاجل من أجل فتح تحقيق ميداني، ومحاسبة المتورطين، والعمل على إدماج المهاجرين في برامج اقتصادية واجتماعية تحفظ كرامتهم وتصون حقوقهم.
وفي انتظار تحرك رسمي واضح، يبقى المهاجر الإفريقي في الجنوب الشرقي مجرد رقم عابر في معادلة معقدة، عنوانها: الفقر يبرر الاستغلال.