المغرب

رمضانيات صفروبريس..الدكتور صلاح الدين دكداك يكتب : "جريمة الاحتيال الإلكتروني في زمن كورونا"

playstore

الدكتور صلاح الدين دكداك

أستاذ الفقه المقارن بالقانون بكلية الشريعة بفاس

pellencmaroc

عضو مختبر الشريعة والقانون والمجتمع

مدير مجلة الفقه والقانون

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين وبعد ،

    إن الجريمة ظاهرة اجتماعية، وجدت مع الإنسان، ولا يمكن القضاء عليها، وإن كان يمكن الحدّ منها ومن هذه الجرائم : جريمة الاحتيال ، وأساسها المكر والخديعة، باستحلال المحرم، وإبطال الحقوق، وإسقاط الواجبات، فهي أكل أموال الناس بالباطل، وإفسادٌ في الأرض، وتدميرٌ للبلاد والعباد ، ومع تطور العصر وظهور شبكة الانترنيت والمعاملات الالكترونية ظهر نوع جديد من الجرائم الإلكترونية التي لا تعد ولا تحصى والتي تسجل يوميا تطورا كبيرا في صورها التي تواكب التطور المعلوماتي ، ومن بين هذه الجرائم على سبيل المثال لا الحصر جريمة الاحتيال الالكتروني التي انتشرت بشكل واسع وتضاعفت نسبها في ظل جائحة كورونا ، وهو أمر مؤسف حقا ، فعوض أن يعتبر الإنسان ويتوب إلى الله نجد بعض العباد يتفننون في الاحتيال على إخوانهم ، ومعلوم أن النصب والاحتيال وأكل الأموال بالباطل حرام  ومنه الاحتيال الالكتروني في زمن الجائحة لقوله تعالى :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا )[1]. وقوله صلى الله عليه وسلم:  “من غش فليس مني.[2] وقوله صلى الله عليه وسلم:  “أتدرون من المفلس؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه، أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه، ثم طرح في النار.[3]

  والاحتيال الإلكتروني بشكل عام هو نوع من أنواع الخداع الذي يلجأ إليه الأفراد أو المنظمات لاستغلال المستخدمين بشكل غير مشروع عبر منصات الإنترنت بحيث يقوم المحتلون باستخدام خدمات شبكات الإنترنت – سواء كانت غرف المحادثات ، أو المدونات ، أو المواقع، أو تطبيقات ذكيةلإرسال رسائل خادعة للمستخدمين وجذبهم إلى الفخ المنصوب لسرقة حساباتهم الشخصية أو الائتمانية[4].

 ويعد الاحتيال المالي أحد صور الاحتيال الإلكتروني الخاصة ، وفيه يتم استدراج الضحايا عن طريق إنشاء مواقع مزيفة، أو عن طريق تتبع معاملاتهم المالية. يتمكن المحتالون في هذا النوع من العمليات من سرقة أموال المستخدمين، واستغلال رصيدهم البنكي في صفقات مشبوهة، أو إجراء معاملات شرائية بغير رضاهم..[5]

   لكل هذه الأسباب جاءت هذه الدراسة المتواضعة التي عنونتها بـ : “جريمة الاحتيال الالكتروني في زمن كورونا “، من أجل تسليط الضوء على الطرق والأساليب التي يستعملها المحتالون للإيقاع بضحاياهم ، وتوعية المواطنين بخطورة هذه الجريمة عليهم وعلى المجتمع وتزويدهم بالنصائح الضرورية للنجاة من مكر هؤلاء المجرمين ، دون الحديث عن الجانب الزجري وعن  العقوبات التي أفردها القانون المغربي لمثل هذه الجرائم الإلكترونية ، والتركيز فقط على سبل  الوقاية فهي كما قيل خير من العلاج ، وفي نفس الوقت الإجابة عن إشكال أساسي يمكن ترجمته في السؤال التالي وهو : إلى أي حد يمكن أن ننجح في مواجهة المحتال الإلكتروني والتقليل من هذا النوع من الجرائم الخطيرة ؟

وقد قسمت هذه الدراسة إلى مبحثين أساسيين على الشكل التالي :

      المبحث الأول : طرق الاحتيال الالكتروني  في زمن كورونا :

      المبحث الثاني : سبل مواجهة الاحتيال الالكتروني  في زمن كورونا :

المبحث الأول : طرق الاحتيال الالكتروني زمن كورونا :

   المطلب الأول : الاحتيال الالكتروني عن طريق البرامج والروابط والخرائط والإعلانات والرسائل الإلكترونية :

        الفرع الأول : الاحتيال الالكتروني عن طريق البرامج والروابط والخرائط والإعلانات :

    لقد استغل المجرمون والمحتالون إلكترونيا لجائحة كورونا لتنفيذ حيل واختراقات[6] اعتمادا على خوف المواطنين والمؤسسات من انتشار المرض ، ورغبتهم في معرفة المعلومات المتعلقة به ، وهذه بعض الأساليب التي اتبعتها هؤلاء المحتالون  :

         إنشاء برامج  إلكترونية خبيثة مرتبطة بجائحة كورونا في شكل ملف “آمن” مثل مستند نصي أو أغنية ،  في محاولة لخداع الضحايا للنقر فوقها وتنزيلها ، ونتيجة لذلك يمكن للمتسللين التجسس على الضحية والدخول إلى جهازه عبر الإنترنت ، وتثبيت برامج ضارة أكثر خطورة

         إنشاء آلاف المواقع الإلكترونية تحت أسماء نطاقات تشمل كلمات مثل “كوفيد” و”كورونا” و”فيروس“. وتعمل هذه المواقع كأساس لحملات التصيد الإلكتروني[7]  أو لإغراق البريد الإلكتروني برسائل عشوائية تروج لعمليات احتيال مرتبطة بكوفيد 19.[8]

        

playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا